كشفت منظمة الصحة العالمية، أن المصابين بأمراض الكلى المزمنة في العالم يشكلون 10% من سكان الكرة الأرضية، وأن ما يقارب 850 مليون شخص لديهم الأسباب المؤدية للإصابة بأمراض الكلى، وأن أمراض الكلى تحتل المرتبة 18 في قائمة الأمراض المسببة للوفاة، وأن واحداً من عشرة بالغين مصاب بقصور كلوي مزمن.
وفي لقاء لمدير مركز السعودي لزراعة الأعضاء الدكتور طلال القوفي، لموقع (العربية) أوضح أن إجمالي عدد عمليات زراعة الكلى في السعودية بلغ نحو 17,833 عملية؛ منها 78% لمتبرعين أحياء، وذلك منذ بداية برنامج زراعة الأعضاء حتى نهاية العام الماضي، وأن العام الماضي شهد 1,439 عملية زراعة كلى؛ منها 181 عملية زراعة لمتبرعين بعد الوفاة، و1,258 عملية لمتبرعين أحياء، وأن عدد المراكز المعتمدة 28 مركزاً، في 2023م، وأن عدد الذين يخضعون للعلاج بالغسيل الدموي أو البريتوني أكثر من 22,000 مريض؛ منهم 20,534 مريضاً يتلقون العلاج بالغسيل الدموي، و1,861مريضاً يتلقون العلاج بالغسيل البريتوني، متوقعاً وصولهم إلى 25,000 مريض بحلول 2030م.
حبة الفاصوليا
للوقوف على أسباب الإصابة بمرض الكلى، أوضح استشاري أمراض الكلى بمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور عبدالمعتني السلمي، أن جسم الإنسان يحتوي على كليتين بحجم قبضة اليد تقريباً، تأخذ الكلية شكل بذرة الفاصوليا، تقعان على جانبي العمود الفقري أسفل القفص الصدري ويمتلك معظم البشر كليتين وبالإمكان العيش بواحدة فداخل كل كلية ما يقارب مليون وحْدَة كُلويّة صغيرة جداً لا ترى إلا بالمجهر تسمى (النفرون) تقوم على تصفية الدم وإزالة الشوائب والسموم المتراكمة والمياه الزائدة من خلال تحولها إلى بول يتدفق عبر الحالب إلى المثانة البولية ومن خلالها يصرف البول.
ويضيف الاستشاري السلمي: الكلى تعمل على موازنة مستويات الأملاح والمعادن والماء، وتساعد في تنظيم ضغط الدم، كما تشارك في إنتاج خلايا الدم الحمراء وفي تنشيط فيتامين (D) لامتصاص الكالسيوم من الطعام والحفاظ على قوة العظام. ولمعرفة تشخيص وجود مشكلة مرضية في الكلى يقول الدكتور السلمي، يبحث الطبيب عن التاريخ الصحي للمريض ولأهل المريض هل أصيب أحدهم من قبل بارتفاع ضغط الدم، أو تناول دواءً قد يؤثر على وظائف الكلى، كما يسأل عن تاريخ الأمراض المزمنة وهل هناك تغييرات في عاداته البولية، وإذا ما كان أيُّ من أفراد عائلته مصاباً بداء الكلى.
الفشل الحاد
يُجري الطبيب فحصاً بدنياً للكشف عن وجود مؤشرات تدل على مشكلات في القلب أو الأوعية الدموية، وقد يلزم عمل بعض الاختبارات والإجراءات لتحديد مدى خطورة داء الكلى؛ ومنها: تحاليل الدم، للكشف عن مستوى العناصر التي يجب التخلص منها مثل الكرياتينين واليوريا في الدم، ومعرفة مستوى البوتاسيوم والمغنيسيوم، والصوديوم، والفوسفات، والكالسيوم، ونسبة الهيموجلوبين بالدم، وتقوم الكلى الطبيعية حسب استشاري أمراض الكلى الدكتور السلمي، بإنتاج هرمون إريثروبويتين الذي يُكون كريات الدم الحمراء، فإذا تضررت الكلى يتأثر الدم ويصاب الشخص بفقر الدم (الأنيميا)، ويحتاج إلى إجراء تحاليل بولية واختبارات تصويرية؛ ومنها التصوير بالموجات فوق الصوتية لتقييم بنية الكليتين وحجمهما، وأخذ عينة من نسيج الكلى لاختبارها مجهرياً للمساعدة في تحديد سبب المشكلة في الكلى وتجري خزعة الكلى عادةً بمخدر موضعي.
ويوضح الاستشاري بمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور السلمي، أنواع أمراض الكلى وخطورة كل واحد منها؛ أن النوع الأول ويسمى إصابة كلويّة حادّة ( الفشل الحاد)، يحدث فجأة في غضون أيام قليلة، يقل فيها عدد مرات التبول، أو لا يوجد تبول على الإطلاق، وقد يحدث تورم في الساقين والقدمين بسبب احتباس السوائل الزائدة بالجسم، مع ضيق وسرعة في التنفس، وإذا كانت هناك حموضة بالدم وتراكم السوائل في الرئتين، قد يحدث للمريض نوبات تشنج وفقدان للوعي وتوقف عضلة القلب في حال كانت الأعراض شديدة، وبعضها تكون مُهدّدة للحياة وتحتاج إلى الرّعاية المركزة في المستشفى وأحياناً جراحية مثلما في حالات انسداد في الكلى ومجرى البول، وأحياناً يتم المعالجة بالغسيل الكلوي الدموي المؤقت حتى تسترد الكلى وظيفتها الطبيعية.
الاكتشاف بالصدفة
طبقاً للدكتور السلمي، يتسبب النوع الثاني (الفشل الكلوي المزمن)، في حدوث قصور وتدهور في عمل الكلية ووظائفها بشكل تدريجي إذ تتليف أنسجة الكلى ببطء خلال سنوات عدة نتيجة الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كداء السكري النوع الأول والثاني وارتفاع ضغط الدم المزمن واستخدام أدوية ضارة للكلى على المدى الطويل كبعض مسكنات الألم، وهذا النوع من الفشل الكلوي يكون دون أعراض مرضية خصوصاً في مراحل الفشل المبكرة، وأحياناً يتم اكتشافه بالصدفة من خلال بعض الفحوصات، يصاحبه بعض الأعراض كالغثيان والتقيؤ، فقدان الشهية، التعب والوهن العام، حدوث تشنجات عضلية والشعور بالحكة في جميع أنحاء الجسم وظهور تجمع للسوائل في الساقين والقدمين. ويؤكد أن الكلى ليست بمنأى عن الأمراض الوراثية، فمن أشهر الأمراض الوراثية التي تسبب فشل كلوي: تكيسات الكلى الوراثية، متلازمة البورت، بعض التهابات الكبيبات الكلوّية. مرض اعتلال الكلى بالغلوبيولين المناعي؛ وهو مرض شائع جداً قد يكون للعامل الوراثي دور في حدوث المرض.
حذارِ من المشدات والحزام
استشاري أمراض الكلى الدكتور السلمي، يرى أنه في المراحل الأولية في أمراض الكلى المزمنة قد لا تظهر أعراض مرضية؛ لأن الجسم عادةً يكون قادراً على التكيّف والتعامل مع الانخفاض في وظائف الكلى؛ لذلك ننصح بزيارة طبيب الكلى لمرضى داء السكري، مرضى ارتفاع ضغط الدم، السمنة المفرطة، أمراض القلب والأوعية الدموية، مرضى التهاب الكبد الفايروسي (B-C)، حصوات الكلى المتكررة، مرضى الذائبة الحمراء، من لديه تاريخ عائلي بمرض في الكلى، وجود بروتين أو دم في البول غير معروف السبب. الكشف المبكر يساعد في العلاج وتفادي الإصابة بالفشل الكلوي. محذراً النساء وحتى الرياضيين الذين يلبسون مشدات حزام للخصر أن يلبسوها بطريقة صحيحة ولفترات قصيرة حتى لا يساهم في زيادة الضغط على الأعضاء الداخلية في البطن وتقليل تدفق الدم لها مما يسبب الإضرار بها، وفي الوقت نفسه ينصح الجميع بالمحافظة على صحة الكلى بشرب كمية كافية من الماء بما لا يقل عن ثمانية أكواب يومياً خصوصاً في فصل الصيف، ومن يعاني من حصوات الكلى بزيادة شرب الماء. ومرضى الفشل الكلوي المزمن ومرضى قصور عضلة القلب بشرب سوائل أقل بما يعادل واحد ليتر تقريباً بسبب احتباس السوائل في الجسم.
الضرب على البطن
الاستشاري السلمي، قال: لا نمنع المرضى من أكل الموز أو أي فاكهة أخرى، وإنما نوصي بالإقلال والاعتدال في تناول الأغذية الغنية بالبوتاسيوم مثل التمر، والرطب، والموز، والطماطم. وهنا يأتي دور أخصائي التغذية. وحول تأثير بعض الألعاب الرياضية التي تعتمد على الضرب في الجوانب على صحة الكلى أجاب استشاري أمراض الكلى الدكتور السلمي، أن الكلى محاطة بعضلات الظهر والقفص الصدري لحمايتها، وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن 10% من الأشخاص الذين تعرضوا للضرب على البطن والظهر لديهم إصابة في الكلية، ناصحاً المرضى بعدم الاستسلام وكتم مشاعرهم وقيامهم بكل ما هو مفيد لهم في حياتهم والتكيف مع العلاج والعيش بشكل طبيعي.
راجع الطبيب
استشاري أمراض وزراعة الكلى بمستشفى الملك فهد العسكري بجدة الدكتور محمد أسعد بخاري، أكد أن التقدم في العمر ليس سبباً للإصابة بمرض الكلى، إذ توجد عوامل أخرى مع تقدم السن قد تساعد على حصول خلل في وظائف الكلى وحدوث القصور المزمن؛ أهمها أمراض السكر والضغط المزمنة إذا لم يتم اكتشافها مبكراً والتحكم بها، مع الأخذ بالاعتبار أنه بعد سن الأربعين يبدأ الشخص بفقدان فسيولوجي طفيف كل سنة مع عدم تأثير ذلك على الصحة العامة. استشاري الكلى بمستشفى الملك فهد العسكري بجدة الدكتور بخاري، أوضح أن الوقاية من الإصابة بمرض القصور الكلوي تعتمد على المسببات؛ ومنها ترك أو التقليل من استخدام بعض الأدوية على سبيل المثال مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، وإيقاف مدرات البول في حالة الجفاف الشديد للتقليل من نسبة حصول القصور المزمن. ناصحاً بأهمية مراجعة الطبيب بشكل دوري بغض النظر عن نسبة القصور المزمن، فالدراسات أثبتت فعالية المتابعة المبكرة مع طبيب الكلى للمحافظة على وظيفة الكلى قدر المستطاع.
نصيحة للحوامل
استشاري أمراض وزراعة الكلى الدكتور بخاري، يرى أن معظم العلاجات المستخدمة في الطب الشعبي غير مبنية على أدلة وبراهين علمية، وجميعها مبنية على العرف والخبرات الحياتية، وقد تكون لها فائدة ومع ذلك قال: لا نفضل الأعشاب أو الطب البديل إلا ما ثبت علمياً، ومنها الصمغ العربي الذي لا توجد دراسات كافية حوله، موضحاً أن الشعور بنغزات في الكلى بعضها تكون أسبابها عضلية وفي بعض الأحيان لوجود حصوات أو التهاب بكتيري أو أسباب أخرى؛ لذلك لا بد من الفحوصات اللازمة. وأوضح الاستشاري الدكتور بخاري، أنهم كأطباء لا ينصحون المرأة المصابة بمرض الكلى بالحمل، وإذا حصل لا بد من المتابعة في عيادة الحمل الحرج، والتنسيق مع طبيب الكلى لتكثيف وصفة الغسيل التي قد تصل إلى ست جلسات أسبوعياً، مع أخذ علاج الأسبرين يومياً لتقليل نسبة حصول تسمم الحمل، وفي حال الرضاعة لا توجد إشكالية إذا لم يأخذ المريض علاجات قد تؤثر على الجنين.