تأثير الدهون العضلية على صحة القلب
ما يخفيه المظهر الخارجي
غالبًا ما تكون المظاهر خادعة؛ إذ يُعرف بعض الأشخاص بـ “النحفاء الزائفين”، وهم أولئك الذين يحتفظون بكمية من الدهون المخفية في أنسجة عضلاتهم. تعتبر هذه الحالة موضعًا للعديد من الدراسات الطبية الحديثة، والتي تكشف عن أبعاد جديدة في فهم المخاطر الصحية المرتبطة بتركيبة الجسم.
دراسة جديدة تسلط الضوء على المخاطر
أشارت دراسة نشرت في “المجلة الأوروبية لأمراض القلب” إلى أن هؤلاء الأفراد، رغم امتلاكهم لمؤشرات كتلة جسم تظهر النحافة، يواجهون خطرًا أكبر للوفاة أو دخول المستشفى بسبب مشاكل القلب، مثل النوبات القلبية أو قصور القلب. تمت الإشارة إلى أن هذه الدهون، التي تُعرف بـ “الدهون بين العضلات”، لها خصائص مشابهة للدهون الموجودة في اللحوم عند الطهي، لكنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي في الأبحاث المتعلقة بصحة الإنسان.
أهمية الدهون بين العضلات
تعتبر الدهون الموجودة بين العضلات موضوعًا جديدًا نسبيًا في الدراسات المتعلقة بالصحة العامة. حيث جدت الأبحاث أن القياسات التقليدية مثل مؤشر كتلة الجسم (BMI) أو محيط الخصر لا تعكس بالضرورة المخاطر القلبية بشكل دقيق للجميع. وهذا ما أكدته البروفيسورة فيفياني تاكيتي، الباحثة الرائدة في هذه الدراسة، والتي أكدت أن هذه الدهون قد تؤثر سلبًا على صحة القلب، خاصة عند النساء.
التركيبة الجسدية وتأثيرها على الصحة
ركزت الدراسة على تحليل تركيبة الجسم، حيث شملت عينة مؤلفة من 669 مريضًا تم تقييمهم في مستشفى “بريجهام أند وومن” بسبب آلام الصدر وصعوبة التنفس. تمت الدراسة على أشخاص مُتقدمين في العمر، وخصوصًا النساء، الذي يمثلن نسبة 70% من العينة. تضمن تحليل الدهون والعضلات استخدام أجهزة تصوير مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني.
نتائج الدراسة على المدى الطويل
خضع المشاركون لمتابعة استمرت ست سنوات، حيث تم تسجيل أي حالات وفاة أو دخول للمستشفى بسبب مشاكل قلبية. أظهرت النتائج أن الزيادة في نسبة الدهون بين العضلات ترتبط بزيادة خطورة تعرضهم لمشاكل القلب. وقد رُصد ارتفاع بمعدل 7% في خطر الإصابات القلبية الكبرى مع كل زيادة نسبتها 1% في الكتلة الدهنية العضلية.
العلاقة بين الدهون والتأثيرات الصحية
أظهرت الأبحاث أن الدهون بين العضلات قد تسهم في إشعال الالتهابات وتعزيز الخلل في عملية أيض الجلوكوز، مما قد يؤدي إلى مقاومة الأنسولين وزيادة مخاطر الإصابة بالسكري. ومن الواضح أن الدهون تحت الجلد لا تمثل نفس المخاطر، ما يبرز أهمية التركيز على الدهون داخل العضلات.
كيفية تقليل المخاطر
إن فهم العلاقة بين الدهون العضلية والصحة القلب يشكل خطوة مهمة نحو تحسين استراتيجيات الوقاية من أمراض القلب. ومع ذلك، لا تزال هناك الكثير من التساؤلات حول كيفية تقليل المخاطر لدى الأفراد الذين يعانون من دهون زائدة في العضلات. البروفيسورة تاكيتي وفريقها يعملون حاليًا على تقييم تأثير استراتيجيات العلاج المختلفة، مثل التمارين الرياضية، والتغذية، والعقاقير، والجراحة، على تركيب الجسم والمخاطر القلبية المرتبطة بها.
باختصار، إن هذه الدراسة تضيف إلى الفهم المتنامي حول دور الدهون العضلية وتأثيرها على صحة القلب، مما يفتح آفاقًا جديدة لإصلاح التقييمات التقليدية المتعلقة بالسمنة وأمراض القلب في المستقبل.