«عكاظ» تكشف مفهوم «الخلوة بين الزوجين»

فيما شرعت المحاكم في استقبال عدد من الدعاوى مستندة إلى مواد اللائحة التنفيذية الجديدة لنظام الأحوال الشخصية، ساد غموض حول عبارة وردت في المادة الأولى من اللائحة نصت على «انتفاء الخلوة بين الزوجين»، وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من نظام الأحوال الشخصية مما أثار جدلاً.

وشرح قانوني لـ«عكاظ» مفهوم الخلوة بين الزوجين الواردة في النظام؛ التي تتعلق باسترداد الزوج للمهر في حال انفصاله عن زوجته قبل الدخول بها.

وأوضح المحامي علي بن طالب بن توزان لـ«عكاظ» أن المقصود بالخلوة بين الزوجين بقوله: «تُعرَّف الخلوة الشرعية بين الزوجين بأنها اجتماعهما في مكان مغلق يتيح لهما إمكانية المعاشرة الزوجية دون وجود موانع شرعية أو عوائق مادية، مثل وجود أطراف ثالثة تمنع الاختلاء أو أي ظرف يمنع المعاشرة بينهما». ولتحقق الخلوة لا يستلزم وقوع الدخول الفعلي، بل يكفي أن يكون الزوجان في وضع يسمح لهما بذلك دون حائل يمنعهما من ممارسة حقوقهما الزوجية بشكل طبيعي.

وحول أحكام الخلوة في الأنظمة القضائية السابقة، قال ابن توزان: «في السابق، كانت الأنظمة القضائية في السعودية تعتبر الخلوة الشرعية بمثابة الدخول في بعض الأحكام، مثل استحقاق المرأة كامل المهر عند الطلاق بعد الخلوة، حتى إن لم يقع الدخول الفعلي، واستند التوجه إلى القاعدة الفقهية التي ترى أن الخلوة الصحيحة تؤدي إلى تحقق الحقوق المالية الكاملة للزوجة، وذلك لأنها تمثل فرصة قائمة للدخول، وبالتالي يُنظر إليها على أنها دخول فعلي من الناحية الفقهية». لكن بعد صدور اللائحة التنفيذية لنظام الأحوال الشخصية الجديد، وتحديدًا من خلال النص الصريح على «انتفاء الخلوة بين الزوجين»، أصبح هناك توجه واضح نحو استبعاد الخلوة كعامل مؤثر في الأحكام المالية المترتبة على الزواج، ما غيَّر كثيرًا من الاجتهادات السابقة.

وعن أثر انتفاء الخلوة على استرداد المهر قال المحامي علي بن طالب بن توزان إن المبدأ العام في استحقاق المهر، وفقًا لما نصت عليه المادة (32) من نظام الأحوال الشخصية الحقوق المالية للمرأة في حال إنهاء الزواج قبل الدخول تتحدد وفقا لحالات، فإذا وقع الطلاق قبل الدخول وقبل تحقق الخلوة الشرعية، فإن الزوجة تستحق نصف المهر فقط، ما لم يكن هناك اتفاق يخالف ذلك بين الطرفين، وإذا وقع الطلاق بعد الدخول الفعلي فإن الزوجة تستحق المهر كاملاً دون استثناء.

وأضاف أنه في السابق، كان القضاء يعتمد على الخلوة الشرعية كأحد المعايير التي تمنح الزوجة حق المطالبة بالمهر كاملاً حتى إن لم يقع الدخول، وذلك بناءً على اجتهادات فقهية رأت أن الخلوة تعني إمكانية الدخول، وبالتالي تأخذ حكمه من الناحية القانونية. ومع التطورات الحديثة في نظام الأحوال الشخصية الجديد تم إلغاء تأثير الخلوة على الحقوق المالية، وبالتالي أصبح النظام ينص على أنه في حال تم عقد الزواج ولم يقع الدخول الفعلي، فإن الزوجة لا تستحق سوى نصف المهر عند الطلاق، بغض النظر عن تحقق الخلوة، إذ إن الخلوة لم تعد تعتبر معيارًا لاستحقاق المهر كاملاً، ما لم يتم إثبات الدخول الفعلي، وهذا التغيير يعد إصلاحًا مهمًا في النظام القانوني السعودي، إذ إنه يحدد معايير واضحة ومباشرة لاستحقاق الحقوق المالية، ويزيل أي التباسات كانت قائمة في السابق حول أثر الخلوة الشرعية في مسائل المهر.

تغيير تشريعي في مفهوم الخلوة

ابن توزان أكد أن التغيير التشريعي في مفهوم الخلوة الشرعية وأثرها على المهر يعكس توجه النظام الجديد إلى توحيد الأحكام القضائية ومنع الاجتهادات المتباينة حول الخلوة وتأثيرها وتحقيق وضوح أكبر في العقود الزوجية، ليعرف الطرفان مسبقًا حقوقهما والتزاماتهما المالية بشكل دقيق وحماية الحقوق المالية للزوج من المطالبات غير المستحقة للمهر الكامل في حالة الطلاق قبل الدخول، ومنع النزاعات القضائية المتعلقة بتأويل مفهوم الخلوة الشرعية، إذ كان إثباتها أو نفيها مسألة تقديرية تخضع لاجتهاد القضاة، ما كان يؤدي إلى تباين الأحكام.

وختم المحامي ابن توزان أنه مع صدور اللائحة التنفيذية لنظام الأحوال الشخصية أصبح مفهوم الخلوة الشرعية بين الزوجين واضحًا من حيث تأثيره على الحقوق المالية، فمجرد انعقاد القران دون الدخول لا يوجب استحقاق كامل المهر، حتى إن توافرت الخلوة الشرعية، وبالتالي فإن الأنظمة الحديثة حسمت الجدل الفقهي والقضائي حول تأثير الخلوة، وأصبحت القاعدة القانونية المستقرة هي أن المهر الكامل لا يستحق إلا عند وقوع الدخول الفعلي، أما في حال الطلاق قبل الدخول فالزوجة تستحق فقط نصف المهر، حتى إن ثبتت الخلوة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى