يزيد التأثير مع كل طفل جديد.. دراسة: تربية الأطفال تحافظ على أدمغة الآباء شابة وأكثر إدراكاً

لطالما ارتبطت الأبوة بالإجهاد والتوتر اللذين ينعكسان على المظهر الخارجي، مثل التجاعيد والشعر الرمادي، إلا أن دراسة حديثة أظهرت أن تربية الأطفال قد يكون لها تأثيرٌ إيجابي على الدماغ؛ ما يسهم في الحفاظ على شبابه وتعزيز وظائفه الإدراكية.

ووفقاً للدراسة التي نُشرت في مجلة “Proceedings of the National Academy of Sciences” أخيراً، أظهرت أدمغة الآباء أنماطاً أقوى من “الاتصال الوظيفي” بين مناطق الدماغ المختلفة، وهو ما يتناقض مع الانخفاض المعتاد في هذه الأنماط مع التقدُّم في العمر.

وحسب موقع “ساينس ديلي” العلمي، وجدت الدراسة أن هذا التأثير يزداد مع كل طفل جديد، ويستمر لفترة طويلة.

كيف تؤثر الأبوة في الدماغ؟

إدوينا أورشارد؛ الباحثة في مركز دراسات الطفل في جامعة ييل والمشاركة في الدراسة، أوضحت أن “الاتصال الوظيفي” هو مقياسٌ لفهم كيفية تواصل أجزاء الدماغ مع بعضها بعضاً.

وأشارت إلى أن هذه الأنماط عادة ما تتغيّر مع تقدُّم العمر، لكن في حالة الآباء، لوحظ نمط معاكس، حيث بدا أن أدمغتهم تحتفظ بسمات أكثر شباباً.

هذه النتائج منطقية

من جانبها، قالت ميشيل ديبلاسي؛ رئيسة قسم الطب النفسي في مركز “Tufts Medical Center”، لموقع “هيلث” الطبي، إن هذه النتائج تبدو منطقية، لأن الأبوة تعد فترة حاسمة يمر فيها الدماغ بتغييراتٍ كبيرةٍ للتكيُّف مع المسؤوليات الجديدة والتفاعلات الاجتماعية المعقّدة والتحديات التي تصاحب تربية الأطفال.

تحليل صور الدماغ

وفي الدراسة التي أُجريت بالتعاون بين جامعة ييل ومؤسسة روتجرز الصحية في بريطانيا، قام الباحثون بتحليل صور الرنين المغناطيسي لأكثر من37 ألف شخص، مما يجعلها واحدة من أكبر الدراسات في هذا المجال.

وشملت العينة رجالاً ونساءً تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عاماً من قاعدة بيانات “UK Biobank” في المملكة المتحدة.

وتمّ جمع معلومات عن عدد الأطفال، والعمر، والجنس، والمستوى التعليمي، والوضع الاقتصادي للمشاركين، ثم جرت مقارنة أنماط الاتصال الوظيفي بين أدمغة الآباء وغير الآباء.

أدمغة الآباء احتفظت بأنماط اتصال قوية

وأظهرت النتائج أن بعض المناطق في أدمغة الآباء احتفظت بأنماط اتصال قوية، وهي المناطق المرتبطة بالتواصل الاجتماعي والتعاطف والتنسيق بين الدماغ وحركة الجسم.

وأوضحت “ديبلاسي”؛ أن هذه المناطق تعد مؤشرات على صحة الدماغ، وعادة ما تتراجع مع التقدُّم في العمر، مما يشير إلى أن الأبوة قد تلعب دوراً في حماية الدماغ من التدهور.

هل التأثير يشمل كل الآباء والأمهات؟

من المهم الإشارة إلى أن الدراسة لم تثبت بشكل قاطع أن الأبوة هي السبب المباشر وراء هذه التغيرات في الدماغ، بل وجدت علاقة بينهما.

كما أن الدراسة شملت فقط الأمهات والآباء البيولوجيين في المملكة المتحدة، مما يعني أن النتائج قد لا تنطبق على جميع أنواع العائلات والأدوار الأبوية المختلفة؛ كالتبني أو رعاية الأطفال.

وأشارت “أورشارد”؛ إلى أن هناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث طويلة المدى التي تشمل مشاركين من خلفياتٍ متنوّعة لفهم كيفية تأثير الأبوة على الدماغ بشكلٍ أكثر دقة.

من جانبه، قال طبيب الأعصاب، أندرو ثالياث؛ إن التغيرات في الدماغ قد تكون ناتجة من عوامل بيئية واجتماعية مرتبطة بالأبوة.

وأوضحت أن الآباء يتعرّضون لمحفزاتٍ حسية أكثر عند رعاية الأطفال، مثل قراءة تعابير الوجه والاستجابة للإشارات غير اللفظية، وهو ما قد يعزّز الاتصال بين مناطق الدماغ.

وأضافت “أورشارد”؛ أن الآباء الذين لديهم أكثر من طفلٍ واحدٍ يضطرون إلى تلبية احتياجاتٍ متعدّدة في وقتٍ واحدٍ، وهو ما يتطلب مرونة سلوكية عالية، وقد يكون هذا أحد العوامل التي تُسهم في تعزيز وظائف الدماغ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى