
أشعل روبوت “Manus” الذكي شرارة جديدة في الساحة التقنية الصينية عندما تسبب إطلاقه بانهيار موقع الشركة المطورة من فرط المستخدمين المتهافتين للتسجيل. ليست هذه سوى ومضة صغيرة في اقتصاد رقمي يعيش أكبر انتفاضة تقنية منذ عقود.
بدأت القصة مطلع العام الجاري، حين قدمت شركة ناشئة تدعى “DeepSeek” نموذجاً للذكاء الاصطناعي بتكلفة تطوير زهيدة أذهلت الخبراء حول العالم. وسرعان ما أثار هذا الإنجاز موجة استثمارية هائلة جعلت مؤشر التقنية في بورصة هونج كونج يسجل قفزة تاريخية فاقت 40% خلال شهرين فقط.
يتجاوز ما تشهده الصين مجرد فقاعة استثمارية إلى ظاهرة مجتمعية شاملة، فالمستشفيات تتسابق لتطبيق النماذج الذكية لتعزيز خدماتها، والحكومات المحلية تدمجها في منصات خدمة المواطنين، والمؤسسات التعليمية توظفها في مختلف الأنشطة.
وصل الأمر إلى درجة جعلت موظفي البلديات في المدن الصينية يعقدون ورش عمل لاستكشاف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في “أنشطة الحزب” – مصطلح يشير إلى الفعاليات الداعمة للحزب الشيوعي الحاكم.
وفي أسواق المال، بات من المستحيل تقريباً جذب اهتمام المستثمرين لأي تقرير لا يتضمن إشارة إلى “DeepSeek”، بل إن البعض يتوقع أن تؤثر الشركة إيجاباً على سوق العقارات في مدينة “هانغتشو” مقرها الرئيسي!
“لا خيار أمامنا سوى اللحاق بالركب”، هكذا يصف أحد رواد الاستثمار الجريء الصينيين المشهد الحالي. ويضيف: “الركود يضرب القطاعات التقليدية، والفرص المجدية تتلاشى في الأسواق الأخرى، فإما الانخراط في هذه الثورة التقنية أو خسارة المستقبل”.
وأصبحت استراتيجية “الدخول السريع والخروج الأسرع” هي السائدة، حيث يستثمر البعض في جولات التمويل الأولية للشركات الناشئة ليبيعوا حصصهم بعد أشهر قليلة.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت الحكومة الصينية تأسيس صندوق استثماري ضخم بقيمة تريليون يوان (قرابة 140 مليار دولار) لدعم الصناعات التقنية المتقدمة، في إشارة واضحة إلى عزمها عدم تكرار تأخرها في سباق التقنية العالمي.