![](https://el-jazeera.com/wp-content/uploads/2024/09/علماء-يكشفون-أسرار-الماضي-كيفية-فهم-مناخ-الأرض-عبر-485-780x470.jpg)
إعادة بناء سليمة لمناخ الأرض على مدار مليون عام
أهمية فهم المناخ القديم
يعتبر تقدير درجات الحرارة السابقة للأرض أحد العناصر الأساسية لفهم تاريخ الحياة وتطورها. هذا الفهم لا يسهم فقط في تحليل الحقب الزمنية القديمة، بل يمتد أيضًا إلى القدرة على توقع التغيرات المناخية المستقبلية، مما جزء لا يتجزأ من البحث عن كواكب قد تكون صالحة للحياة.
إنجاز علمي جديد
نجح فريق من الباحثين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في تقديم دراسة شاملة تعيد بناء درجات حرارة الكرة الأرضية خلال الــ 485 مليون سنة الماضية. تكمن أهمية هذا الإنجاز في أنه يوفر مصدراً موثوقًا لفهم الظروف المناخية التي سادت على كوكبنا في الماضي.
منهجية البحث
استندت الدراسة إلى دمج النماذج المناخية المتقدمة مع بيانات جيولوجية موثوقة، وانتشر اسهامهم على صفحات مجلة علمية مرموقة، حيث استطاعوا رسم منحنى يوضح التقلبات في درجات الحرارة. وقد أظهرت النتائج أن تقلبات درجات حرارة الأرض كانت أوسع نطاقًا مما كان يُعتقد سابقًا خلال الأحقاب الهامة في عصر “الفنيروزويك”، حيث تشهد هذه الفترات تنوعًا حيويًا كبيرًا وأزمات انقراض جماعي.
العلاقة بين درجات الحرارة وثاني أكسيد الكربون
تظهر النتائج أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين درجات الحرارة السطحية المتوسطة وكمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. في بداية عصر “الفنيروزويك” قبل 540 مليون سنة، حدثت نقطة تحوّل هامة تُعرف “بانفجار الكامبري”، الذي شهد بروز الكائنات الحية المعقدة لأول مرة.
رغم أن العلماء استطاعوا إجراء محاكاة للظروف المناخية منذ 540 مليون سنة، إلا أن البيانات المتاحة عن درجات الحرارة قبل الفترة التي تمت دراستها كانت محدودة.
تحديات الدراسة
كما أوضحت الباحثة “جيسيكا تييرني”، عالمة المناخ القديمة من جامعة أريزونا، التحديات التي واجهتها الدارسة، مؤكدًة صعوبة العثور على صخور قديمة تحتفظ بمؤشرات حرارة من تلك الأزمنة البعيدة.
تطوير الأدوات البحثية
اعتمد الباحثون على تقنية تُعرف باسم “استيعاب البيانات”، مما مكنهم من دمج معلومات جيولوجية مع نماذج مناخية لتحليل الظروف المناخية في العصور القديمة بشكل أفضل. وذكرت الدكتورة “إميلي جود”، المؤلفة الرئيسية للدراسة، أن هذه التقنية طُوّرت أساسًا للتنبؤات الجوية.
دروس من الماضي لفهم الحاضر
تساهم هذه الدراسات في إضفاء مزيد من الفهم حول كيف تغيرت درجات حرارة الأرض بمرور الزمن، وهو ما يُعتبر سياقًا ضروريًا لدراسة التغير المناخي في عصرنا الحالي. أضاف “سكوت وينغ”، مشارك في الدراسة، أنه إذا تمت دراسة السنتين المليون الأخيرتين فقط، فإن النتائج قد لا تعكس ما نتوقعه في الأعوام 2100 و2500.
نتائج مثيرة للقلق
تُظهر الرسوم البيانية الجديدة أن تغيرات درجات الحرارة كانت أكبر من التصورات السابقة خلال الــ 485 مليون سنة الأخيرة. شهدت فترات ارتفاع الحرارة ارتباطًا وثيقًا بزيادة مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون.
تقول تييرني: “توضح هذه الأبحاث بجلاء أن غاز ثاني أكسيد الكربون هو العنصر المسيطر على درجات الحرارة العالمية عبر الزمن الجيولوجي. فعندما ينخفض مستوى الكربون، تنخفض الحرارة، وعندما يرتفع، ترتفع درجات الحرارة”.
كوكبنا تحت الضغط
تشير النتائج إلى أن درجات الحرارة الحالية لكوكب الأرض أكثر برودة مما كانت عليه في معظم الحقب الجيولوجية الماضية. ومع ذلك، التحذيرات تتزايد من أن سرعة ارتفاع درجات الحرارة بسبب انبعاث الغازات الدفيئة جراء الأنشطة البشرية تُهدد بشكل متزايد التنوع البيولوجي وبيئات الكوكب.
وفي الاستنتاج، تشدد تييرني على أن تسارع تغير المناخ الذي يشهده القرن الحالي يشكل تهديدًا خطيرًا للبشر والأنظمة البيئية، حيث يُشير إلى ضرورة التحرك السريع لتقليل المخاطر المرتبطة بهذا التغير الجذري.