شعور الوحدة: الوباء الصامت في عالمنا الحديث
تفشي الوحدة في المجتمعات
تشير إحصاءات جديدة إلى أن ملايين البشر حول العالم يعانون من الشعور بالوحدة. وفقًا لمسح عالمي أجرته مؤسسة غالوب في العام الماضي، أفاد 23% من المستجيبين أنهم يشعرون بالوحدة بشكل كبير، ما يدل على أن هذه الظاهرة قد أصبحت أزمة أخرى تُضاف إلى التحديات الاجتماعية المعاصرة.
القلق المتزايد بشأن الوحدة
لقد أشار الجراح العام للولايات المتحدة الطبيب فيفيك مورتشي في 2024 إلى المخاطر الجسيمة الناتجة عن الشعور بالوحدة والعزلة، ملاحظًا أن هذه المشكلة تفاقمت بالفعل خلال جائحة كوفيد-19، حيث أدت الإجراءات المختلفة إلى تفاقم مشاعر الانفصال والتباعد الاجتماعي.
أنواع مختلفة من الوحدة
تُعرف الوحدة غير المرغوبة بأنها مصدر لألم نفسي كبير، تؤثر سلبًا على الصحة العامة وجودة الحياة، لدرجة أنها سُمّيت “الوباء الصامت”، لأنه غالبًا ما يشعر بها الأفراد في عزلة كاملة وبعيدا عن الأعين. ومع ذلك، تختلف التجارب بين الأفراد؛ فبعض الأشخاص يجدون فيها مصدرًا للقلق، بينما يُعتبرها الآخرون فرصةً للراحة وإعادة التقييم الذاتي. ما السبب وراء ذلك؟
مفهوم الوحدة من منظور علم النفس
تقول الدكتورة باتricia أودونيل، الطبيبة النفسية وأحد الأعضاء البارزين في الجمعية التحليلية الأرجنتينية، إن هناك تنوعًا في أنواع الوحدة؛ حيث توجد “الوحدة الجارحة” و”الوحدة المختارة”. الأولى يمكن أن تُسبب معاناة نفسية عميقة، بينما تعتبر الثانية مجالًا للإبداع والتفكير العميق.
تأثير الوحدة على العلاقات الإنسانية
الحقيقة أن الوحدة هي شعور سلبي يُعبر عن عدم وجود روابط حقيقية، وليست مجرد غياب للرفقة الجسدية. على حد تعبير الخبير النفسي سيباستيان إيبرازابال، إن الشعور بالوحدة ليس مرتبطًا فقط بعدم وجود الناس من حولنا، بل يرتبط أيضًا بعدم وجود علاقات ذات معنى، مما يؤدي بالفرد إلى تجربة إحساس بـ “عدم الأهمية”.
كيفية إدارة الوحدة بشكل فعّال
للتغلب على الوحدة بطريقة صحية، يجب على الأفراد认识和接受这种情绪。这意味着必须通过参与各种活动来重新连接، مثل الانضمام إلى مجموعات اجتماعية أو ممارسة الأنشطة التي تُثري الحياة. وقد أشار الأطباء إلى أهمية البحث عن أسس صحيحة للصداقات وتقييم العلاقات.
الاستفادة من الوحدة
تنصح الدكتورة أودونيل بضرورة إعادة التفكير في الوحدة كفرصة للنمو الشخصي. فتخصيص وقت للتأمل والفهم الذاتي يمكن أن يؤدي إلى تجارب مثرية، كما يمكن أن توفر المعايشة في الطبيعة شعورًا بالألفة مع الذات.
كيفية تعزيز الرفقة الاجتماعية
لمواجهة الشعور بالوحدة، يُنصح أيضًا بتهيئة فضاء للرغبة في التواصل مع الأقران، سواء من خلال الأنشطة الفنية مثل الموسيقى والرسم أو البحوث الأدبية. هذه الأنشطة لا تساهم فقط في تعزيز العلاقات الشخصية بل تُعد أيضًا وسائل فعّالة لرفع الروح المعنوية.
استراتيجيات لمواجهة الوحدة
يعتبر الدكتور أمير ليفين، الطبيب النفسي ومؤسس مجموعة بهاف ثيرابي، أن التعلم لكيفية الاستمتاع بالوحدة يمكن أن يُغير من مسار حياة الأفراد بشكل جذري. ويقترح مجموعة من الاستراتيجيات مثل تقليل الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي والالتزام بأنشطة خارجية تعرف النفس بالمحيط.
في الختام
يوضح التوجه الحديث عن الوحدة أنها ليست مجرد مسألة فردية، بل تتعلق بالمجتمع ككل. إن الفهم العميق لمشاعر الوحدة دون الحكم على الذات، والبحث عن آليات للتواصل مع الآخرين، يمثلان خطوات جوهرية نحو التعافي والنمو الشخصي. في الوقت الحالي، يُعتبر بذل الجهد لفهم الذات عاملًا أساسيًا في تحقيق التوازن النفسي.