هل يعد تعاطي مضادات الاكتئاب آمناً للأطفال؟ 5 حقائق صادمة يجب أن تعرفها

الاستخدام المكثف للمضادات الاكتئابية في إسبانيا

تشير الإحصائيات إلى واقع محزن: تحتل إسبانيا المرتبة الثالثة في الاتحاد الأوروبي من حيث استهلاك المضادات الاكتئابية، حيث تفوق فقط على البرتغال والسويد، متجاوزة المعدل العام بشكل كبير. يُظهر تحليل نظام الصحة الوطنية أن استخدام هذه الأدوية يوميًا قد زاد بنسبة 50% في السنوات الأخيرة.

تفاقم المشكلة بين الشباب

لم يعد الأطفال والشباب بمأمن من هذه الإحصائيات؛ فقد شهدت فئاتهم ارتفاعًا كبيرًا في تناول مثل هذه العقاقير. تشير دراسة حديثة نشرت في مجلة «طب الأطفال» إلى أن الاستهلاك اليومي للمضادات الاكتئابية في هذه الفئة العمرية قد زاد بنسبة 64% مقارنة بالفترة التي سبقت جائحة كورونا. ويظهر أن الارتفاع كان أكثر وضوحًا بين الفتيات والنساء الشابات، حيث بلغت الزيادة 130% بين المراهقات من 12 إلى 17 عامًا، بينما زادت بنسبة 60% بين الشابات من 18 إلى 25 عامًا.

عوامل الأزمة النفسية

تُعتبر هذه الاتجاهات المرتفعة في تناول المضادات الاكتئابية جزءًا من موجة واسعة من مشاكل الصحة النفسية، مع تصاعد قضايا مثل الاكتئاب. يوضح البروفيسور بدرو ج. رودريغيز هيرنانديز، رئيس الجمعية الإسبانية للطب النفسي للأطفال، أن الأسباب متعددة، من بينها الاستخدام المتزايد للتقنيات الحديثة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تفاقم المخاوف المرتبطة بالتحرش وفقدان الثقة بالنفس، بالإضافة إلى عوامل مثل تغيير الهياكل الأسرية وصعوبات التوازن بين العمل والحياة.

اكتشاف الاضطرابات النفسية ضرورة ملحة

تظهر التقديرات أن نسبة الاكتئاب بين الأطفال تصل إلى 1-2% وتزيد هذه النسبة إلى 3-8% عند الوصول إلى سن المراهقة. ومن المخيف أن 34% من الشباب حول العالم بين 10 و19 عامًا قد يصبحون عرضة لتطوير اضطرابات اكتئابية. علاوة على ذلك، فمن الضروري الكشف المبكر عن هذه الاضطرابات النفسية، حيث يظهر أن 50% من الحالات تظهر لأول مرة خلال فترة المراهقة، حسب قول ماريا فاليخو، المتخصصة في الطب النفسي للطفل والمراهق في عيادة جامعة نافارا.

التوجه العلاجي والممارسات الحالية

بالنظر إلى الزيادة الملحوظة في تناول العقاقير، توضح إيريا رودريغيز، متخصص العلاقات النفسية السلوكية للأطفال بالمستشفى في مادريد، أن وصف المضادات الاكتئابية لا يقتصر على علاج الاكتئاب فحسب، بل يشمل أيضًا حالات القلق والاضطرابات الوسواسية. وفي كثير من الأحيان، تكون النقطة الأولى للعناية بالصحة النفسية للأطفال هي العلاج النفسي، بينما لا يُلجأ للأدوية إلا في الحالات الأكثر خطورة.

تحديات الانتظار وقلة الموارد

تتطلب المشكلة الحالية حرصًا فوريًا على التوجه إلى المختصين. لكن الواقع يعكس طول قوائم الانتظار وفجوة كبيرة في الخدمات عبر المناطق. مما يستدعي ضرورة الاعتراف بأهمية تخصص الطب النفسي للأطفال لتعزيز عدد المتخصصين في هذا المجال. غلوريا بيليدو، منسقة قسم الطب النفسي للأطفال والشباب في الجمعية الإسبانية للطب النفسي، تشدد على الحاجة الملحة للتحرك السريع لمعالجة أزمة الصحة النفسية المتزايدة في الشباب.

استجابات فعالة في مواجهة الاكتئاب

تسلط ميرسيدس نافييو، الطبيبة النفسية، الضوء على أن تفشي الوباء كان محفزًا للكشف عن الحاجة الملحة لموارد إضافية. تُخطط المؤسسات الصحية لإطلاق مرافق جديدة مخصصة للصحة النفسية للشباب في المنطقة. ومن خلال البحوث الحالية، يتم دمج العلاج الدوائي والعلاج النفسي لعلاج الاكتئاب، مما يوفر الأدوية التي تُعتبر فعّالة وآمنة.

التوجهات المستقبلية لتطوير العلاجات

في ظل تزايد الأزمات النفسية، تعمل الأبحاث على تطوير علاجات جديدة ومواد فعالة في مواجهة الاضطرابات الاكتئابية الأكثر تعقيدًا. تذكر ماريا فاليخو أنه يجب التركيز على تحسين الوقاية، حيث أن الانتحار يُعد أحد أكثر المضاعفات خطورة للاكتئاب، مما يستدعي استثمارات فعلية وشاملة في الوقاية والعلاج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى