الكشف عن عالم الفيروسات في الحمام: دراسة جديدة
لا حاجة لمغادرة منزلك للغوص في كائنات حية مثيرة للاهتمام. فالتنوع البيولوجي يمكن أن يكون قريبًا بقدر حوض الاستحمام الخاص بك. وقد أكدت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة نورث ويسترن في إلينوي، الولايات المتحدة، ذلك حيث تم نشر النتائج في مجلة “Frontiers in Microbiomes”. وقد توصل الباحثون إلى أن رؤوس الدش و فراشي الأسنان تحتوي على مجموعة متنوعة للغاية من الفيروسات، العديد منها لم يكتشف من قبل.
فيروسات لا تستهدفنا: تعريف بالفاجات
على الرغم من أن هذه النتائج قد تبدو مقلقة في البداية، إلا أن الأخبار الجيدة هي أن هذه الفيروسات لا تصيب البشر، بل تستهدف البكتيريا. الفيروسات التي تم جمعها في هذه الدراسة هي في الواقع بكتيريوفاج أو “فاج”، وهي نوع من الفيروسات التي تصيب وتتكاثر داخل البكتيريا. وعلى الرغم من أن المعرفة حول هذه الفيروسات لا تزال محدودة، إلا أن الفاجات أصبحت محط اهتمام مؤخرًا نظرًا لإمكانية استخدامها في علاج العدوى البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية، مما يبرز قيمة الفيروسات غير المعروفة الموجودة في حماماتنا.
إرجاع ‘عملية فم المرحاض’
تتفرع هذه الدراسة الجديدة من أبحاث سابقة أجريت على يد هارتمان وفريقها في جامعة كولورادو في بولدر، حيث درسوا البكتيريا المتواجدة في فراشي الأسنان ورؤوس الدش. في الدراسات السابقة، طلب الباحثون من المشاركين إرسال فراشي الأسنان المستخدمة والمسحات التي أخذت من رؤوس الدش.
غيّرت هارتمان اسم المشروع بطريقة مرحة إلى “عملية فم المرحاض”، مستلهمة من المخاوف بشأن تأثير مراحيض السيفون في تكوين غيوم من الجسيمات الهوائية.
تقول هارتمان: “بدا هذا المشروع كمجرد فضول”، مضيفة أنها أرادت معرفة ما هي الكائنات المجهرية التي تعيش في منازلنا. ولفتت إلى أنه عند التفكير في البيئات الداخلية، تكون الأسطح مثل الطاولات والجدران صعبة العيش بالنسبة للبكتيريا، لأنها تُفضل الأماكن الرطبة مثل الحمامات.
تنوع الفيروسات وفرص جديدة
بعد دراسة البكتيريا، استخدمت هارتمان تقنية تسلسل الحمض النووي لفحص الفيروسات الموجودة في ذات العينات، وكانت النتيجة مثيرة مذهلة. إذ استنتجت أنه كان هناك أكثر من 600 نوع من الفيروسات مختلفة، مع عدم تكرار أي عينة.
وأوضحت هارتمان أن “عدم وجود أي تشابه بين أنواع الفيروسات على رأس الدش وفراشي الأسنان يُظهر ذلك التنوع الفيروسي الرائع.” ووجده أيضًا في العيّنات المختلفة، حيث تم رصد سمات واضحة من الفاجات المتخصصة في عدوى الميكروبات.
هل تمثل تهديدًا لنا؟
الأخبار السارة تأتي من هارتمان نفسها، التي تصر على أن وجود هذه الكائنات المجهرية داخل حماماتنا لا يمثل أي خطر علينا. بدلاً من الاعتماد على المنظفات القاسية، يمكن استخدام الخل لتنظيف رؤوس الدش بسهولة، مع التأكيد على ضرورة تغيير فراشي الأسنان بانتظام. كما عارضت استخدام فراشي الأسنان المضادة للميكروبات، حيث ترى أنها قد تقود إلى مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
وتؤكد هارتمان أن “المعظم من الميكروبات لا تسبب لنا الأذى”، وتوصي بقبول هذا الواقع. “كلما زاد تهجمنا عليهم بالمنظفات القوية، يزداد احتمال تطور مقاومتهم أو وجود صعوبة في معالجتهم.”