أخبار عاجلة

تعليق معاهدة مياه السند.. كيف كشف قرار الهند هشاشة باكستان المائية؟

تعليق معاهدة مياه السند.. كيف كشف قرار الهند هشاشة باكستان المائية؟
تعليق معاهدة مياه السند.. كيف كشف قرار الهند هشاشة باكستان المائية؟

في خطوة غير مسبوقة، أعلنت الهند تعليق معاهدة مياه السند (IWT) التي استمرت أكثر من ستة عقود مع باكستان. 

جاء هذا القرار بعد يوم واحد من هجوم إرهابي مروع في باهالغام بكشمير، أودى بحياة 26 مدنيًا، معظمهم من السياح. 

ووفقًا لتقرير نشرته "تايمز أوف إنديا"، ارتبط الهجوم بجماعة "جبهة المقاومة"، وهي فرع من تنظيم "لشكر طيبة" الإرهابي الباكستاني. كان هذا الهجوم بمثابة نقطة تحول لنيودلهي، التي قررت أن العواقب لن تقتصر على الإجراءات الدبلوماسية أو العسكرية، بل ستشمل الموارد الحيوية مثل المياه.

يكشف هذا القرار عن هشاشة باكستان المائية ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوترات الجيوسياسية في جنوب آسيا.

معاهدة مياه السند: ركيزة تعاون تحت الضغط

وُقّعت معاهدة مياه السند في سبتمبر 1960، بوساطة البنك الدولي، لتقسيم مياه أحواض نهر السند الستة. خُصصت الأنهار الغربية وهي السند، جيلوم، وتشيناب لباكستان، بينما احتفظت الهند بالأنهار الشرقية: رافي، بياس، وسوتليج. سمحت المعاهدة للهند باستخدام الأنهار الغربية بشكل محدود للري والطاقة الكهرومائية "التدفقية"، مع التزامها بعدم تغيير التدفقات بشكل كبير. كما كانت ملزمة بمشاركة بيانات هيدرولوجية حيوية، مثل تنبيهات الفيضانات ومستويات الأنهار. 

وفقًا لوزارة الشؤون الخارجية الهندية، قدمت الهند بين 2010 و2020 أكثر من 5000 صفحة من البيانات السنوية لباكستان، حتى خلال أزمات مثل هجمات أوري وبولواما. لكن تقرير "بي بي سي" نقل عن شيراز ميمون، المفوض الباكستاني السابق، أن الهند كانت تشارك 40% فقط من البيانات قبل التعليق، مما يعكس توترات سابقة حول الشفافية.

تداعيات على باكستان: أزمة مائية تلوح في الأفق

يعتمد 80% من الأراضي المروية في باكستان على مياه نظام نهر السند، و90% من إنتاجها الغذائي يعتمد على هذا النظام. مع انخفاض نصيب الفرد من المياه إلى أقل من 1000 متر مكعب، تُصنف باكستان كدولة تعاني من ندرة المياه. يعتمد ثلث توليد الكهرباء على الطاقة الكهرومائية من سدود مثل مانغلا وتاربيلا. 

توقف مشاركة البيانات الهيدرولوجية، كما أشار براديب كومار ساكسينا، المفوض الهندي السابق، في تقرير "بي بي سي"، سيمنع باكستان من التنبؤ بالفيضانات وإدارة الري، مما قد يؤدي إلى فشل المحاصيل وانقطاع الكهرباء. 

وأوضح حسن خان، أستاذ السياسة البيئية في جامعة تافتس، أن التأثيرات ستكون أكثر حدة في موسم الجفاف، عندما يكون التخزين والتوقيت حاسمين.

ردت إسلام آباد بوصف القرار بـ"عمل حربي"، وعلقت اتفاقية سيملاق 1972، مما يضع المنطقة على حافة الانهيار الدبلوماسي. 

في باكستان، التي تعاني من اضطرابات سياسية وهشاشة اقتصادية، قد يؤدي انخفاض الإنتاج الزراعي وارتفاع تضخم أسعار الغذاء إلى اضطرابات في مقاطعات مثل البنجاب وسند.

استراتيجية الهند: تسييس المياه وحدود التنفيذ

يعكس تعليق المعاهدة استراتيجية لتدويل تكلفة مزاعم الهند حول تقاعس باكستان عن مكافحة الإرهاب، مما يجبر المجتمع الدولي على الانتباه. 

لكن تقرير "بي بي سي" أشار إلى قيود بنيوية تحد من تأثير الهند الفوري. تعتمد معظم منشآتها على مشاريع كهرومائية "تدفقية" بتخزين محدود، وأبطأت التضاريس الصعبة والاحتجاجات المحلية بناء السدود. ومع ذلك، يمكن للهند تفريغ الطمي من خزاناتها دون إشعار، مما قد يتسبب في أضرار كبيرة للبنية التحتية الباكستانية، خاصة أن أنهار الهيمالايا تحمل مستويات عالية من الطمي. 

استبعد الخبراء سيناريو “القنبلة المائية” -حبس المياه ثم إطلاقها فجأة- لأن السدود الهندية بعيدة عن الحدود، مما يعرض أراضيها للفيضانات أولًا.

ديناميكيات إقليمية: دور الصين

تُعقد الديناميكيات الإقليمية المشهد. تقع الهند في المنطقة السفلى لحوض براهمابوترا، حيث تسيطر الصين على المنبع. في 2016، أغلقت الصين رافدًا من نهر يارلونغ تسانغبو (براهمابوترا) بعد تهديدات هندية مماثلة، في خطوة رُوّجت كدعم لباكستان. مع مشاريع الصين الضخمة في التبت، بما في ذلك سد هائل على المجرى السفلي للنهر، قد تستغل بكين هذا الوضع لتعزيز تحالفها مع إسلام آباد، مما يزيد من التوترات.

آفاق عالمية: نحو القومية المائية

تعليق المعاهدة يضع سابقة عالمية. معاهدات المياه بين الجيران غير المتحالفين، مثل نزاع دجلة والفرات أو معاهدة نهر الأردن، تعتمد على الضبط المتبادل. 

قد يصبح قرار الهند نموذجًا للدول التي تسعى إلى استخدام المياه كأداة استراتيجية، مما يفتح الباب أمام "القومية المائية". 

حذر خبراء من أن الحروب المستقبلية ستُخاض على المياه، وقد تكون هذه بداية تحقق هذا السيناريو.

هل كان قرار الهند تكتيك ضغط مؤقت أم إعادة تقييم دائمة؟ مهما كانت الإجابة، فقد انتهى عصر اعتبار معاهدات المياه مقدسة. 

بالنسبة لباكستان، قد تُقاس تكلفة الاستفزازات الآن بكل قطرة من الأنهار التي كانت تظنها مضمونة.

وفي جنوب آسيا، يحمل نهر السند الآن، إلى جانب الطمي والثلوج الذائبة، ثقل العواقب الاستراتيجية والجيوسياسية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق موعد والقناة الناقلة لمباراة مانشستر سيتي ...
التالى تشكيل الأهلي المتوقع أمام بيراميدز في الدوري المصري