الثلاثاء 29 ابريل 2025 | 11:07 مساءً

قوات الفضاء الأمريكية - صورة تعبيرية
في خطوة جريئة تعكس التغيرات المتسارعة بمفهوم الأمن القومي, وتأكيدا على أهمية الفضاء كساحة حيوية للصراعات المستقبلية, أسست الولايات المتحدة قوات الفضاء الأمريكية كفرع عسكري مستقل تابع لقواتها المسلحة لحماية مصالحها الاستراتيجية في الفضاء. وفيما تظل تفاصيل كثيرة من عملياتها طي الكتمان, تُوصف هذه القوات بأنها أكثر قوات نظامية غموضا في العالم.
قوات الفضاء الأمريكية (USSF )
تٌعد قوات الفضاء الأمريكية - The United States Space Force ( USSF ) التي تم إنشاءها في 20 سبتمر 2019 سادس فروع القوات المسلحة الأمريكية وأحدثهم, واعتمدت رسميا ذلك العام كفرع مستقل بالجيش الأمريكي, بهدف حماية المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة بالفضاء, ورغم حداثة عهدها فهي متعددة المهام, وكثير منها غير مُعلن, لكن دورها المتنامي يعكس أهمية الفضاء المتزايدة كمجال جديد للصراعات الجيوسياسية.
رفع علم قوات الفضاء الأمريكية في البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى
يقول "هاريسون كاس"، المحلل الأمريكي البارز في شؤون الدفاع والأمن القومي، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية 20 أبريل الماضي, إن "المهام المعلنة لقوات الفضاء تتضمن الدفاع عن المصالح الأمريكية في الفضاء, وحماية ما يعرف بـ (الأصول الفضائية)، وغالباً ما تكون أقماراً اصطناعية، الى جانب ضمان حرية العمليات في الفضاء، ومراقبة الحطام الفضائي وتطوير تقنيات الحروب الفضائية.
وتضم قوات الفضاء الأمريكية حوالي 10 آلاف فرد من العسكريين والمدنيين يطلق عليهم اسم الحماة (Guardians) وتعتبر هذه القوات الأصغر بين فروع الجيش الأمريكي, لكنها تشهد نموا متزايدا في في عدد الأفراد والميزانية.
دور الفضاء في الحرب الحديثة
نظرا للأهمية القصوى للبيانات التي توفرها الأقمار الصناعية المنتشرة حول الأرض لأجهزة الاتصالات والملاحة والاستخبارات بشكل خاص، وما يلزم ذلك من قدرة على حماية وتأمين تلك الأقمار, أصبح الفضاء عنصرًا أساسيًا في الحروب المعاصرة، حيث أصبح التخطيط والتنفيذ العسكري يعتمد بشكل متزايد على تلك الأصول الفضائية. وبذلك أصبح وجود قوة فضائية مسلحة تحمي تلك المصالح أولوية قصوى لأمريكا.
رفع علم قوات الفضاء الأمريكية في البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى
ولعل إدراك خصوم الولايات المتحدة وعلى رأسهم الصين وروسيا لمزايا الفضاء الاستراتيجية هو ما سرع من وتيرة تطوير تلك القوات الفضائية ورفع ميزانيتها بشكل لافت, فقد طورت الصين وروسيا قدرات لتعطيل وتدمير الأقمار الصناعية والأصول الفضائية الأخرى المحيطة بالأرض, وهو ما شكل تهديدًا كبيرًا للأصول الفضائية الأمريكية.
الفرق بين وكالة ناسا وقوات الفضاء
أما عدم تفرقة البعض بين مهام قوات الفضاء (ذات الطابع الدفاعي) ومهام "ناسا" الاستكشافية, فربما يكون بسبب تصورات أخرى شائعة حول الوكالة التي أُنشئت في ذروة الحرب الباردة، كرد أمريكي صريح على تزايد أنشطة الإتحاد السوفييتي غير المسبوقة خارج الغلاف الجوي للأرض. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن "ناسا" وكالة مدنية، فإن برامجها وأنشطتها تبدو في الغالب ذات طابع عسكري نوعا ما.
أفراد مدنيين من قوات الفضاء الأمريكية - أرشيفية
وفي السنوات الأولى من السباق الفضائي الأمريكي السوفييتي كانت ناسا تقوم بمهماتها التجريبية باستخدام طيارين عسكريين بشكل حصري، مثل "آلان شيبارد" و"جون جلين" و"نيل أرمسترونج" و"باز ألدرين"، وجميعهم كانوا بالخدمة العسكرية الفعلية في وقت إنجازاتهم خارج الغلاف الجوي للأرض. بحسب "فينينشنال تايمز"
وبالرغم من أنها تُدار من قبل الحكومة الأمريكية, يؤكد "هاريسون" أن "ناسا" وكالة مدنية تركز بشكل صريح على البحث العلمي وتطوير التكنولوجيا واستكشاف الفضاء وتطوير مركبات فضائية جديدة، وإجراء أبحاث على كواكب أخرى، وتصوير المجرات، وما إلى ذلك. أما قوة الفضاء الأمريكية، فهي كيان عسكري وفرع مستقل كسلاح الجو والبحرية, ويركز بشكل صريح على حماية المصالح الأمريكية في الفضاء.
أفراد عسكريين من قوات الفضاء الأمريكية - أرشيفية
مهام وقدرات قوات الفضاء الأمريكية
ووفقا لموقع "سبيس إنسايدر" space Insider تُنفذ قوات الفضاء الأمريكية USSF مهام متعددة من بينها: توفير وتطوير الإتصالات العسكرية عبر أساطيل من الأقمار الصناعية المخصصة لهذا الغرض، وحماية نظام الملاحة العالمي جي بي إس (GPS) كما أن عدة أقسام من هذه القوات مكرّسة للعمليات الدفاعية والهجومية بالفضاء. وهي كالتالي بحسب موقع Space Force:
المراقبة الفضائية : تراقب أكثر من 46 ألف جسم في المدار بما ذلك الأقمار الصناعية والحطام الفضائي.
الإتصالات العسكرية: تشغيل أنظمة اتصالات فضائية مثل AEHF و WGS
الإنذار المبكر: استخدام انظمة مثل SBIRS للكشف عن اطلاقات الصواريخ الباليستية
الملاحة والتوقيت: إدارة شبكة GPS
الحرب الإلكترونية: تطوير أنظمة للتشويش على الأقمار الصناعية المعادية
فيما يتم تنفيذ تلك المهام المعلنة عبر عدة طُرق، من أبرزها المُراقبة والإنتظار، إذ تستعين قوات الفضاء بأنظمة تكنولوجية قائمة على الأرض وأخرى بالفضاء لمُراقبة وتعقب الأجسام المدارية والفضائية وغيرها، والأجسام المدارية هي خليط ناتج من حطام أقمار صناعية, وصواريخ ومركبات فضائية, ويُعرف علميا بـ (الحطام الفضائي).
قوات الفضاء الأمريكية - أرشيفية
الأسلحة والتقنيات
تعمل قوات الفضاء الأمريكية بحسب الموقع الأمريكي على تطوير مجموعة من الأسلحة والتقنيات المتقدمة منها:
أسلحة الطاقة الموجهة: مثل الليزر لتعطيل أو تدمير الأقمار الصناعية المعادية
أنظمة التشويش الأرضية: لتعطيل الإتصالات الفضائية للخصوم
الطائرات الفضائية: مثل X-37B التي تستخدم في مهام اختبارية سرية
أنظمة الإستشعار المتقدمة: مثل Space Fence لرصد وتتبع الأجسام في المدار
غموض وسرية
أما بخصوص مهام قوات الفضاء غير المعلنة وحتى طبيعة تلك العمليات المعلنة، فهي لاتزال سرية للغاية, لكنها لا تشمل قتالاً مدارياً يتضمن انفجارات، لأن ذلك سيخلف سحباً من الحطام المداري الشبيه بالشظايا، ما يهدد الأقمار الاصطناعية الأمريكية نفسها. إذ أن الهدف هو التشويش على الأقمار الاصطناعية المعادية وتقييد قدراتها باستخدام أسلحة إلكترونية. بحسب موقع space Insider والذي يؤكد أن قوات الفضاء منخرطة أيضا في عمليات حرب إلكترونية (سيبرانية) شاملة.
لكنَّ هذه القوات التي لم تتجاوز عامها الخامس بعد، يُرجّح أن يكون دورها الفعلي ومهامها الحقيقية لاتزال في مراحلها الأولية. حيث يمكن اعتبار التوسع المتواصل في ميزانيتها، والذي تخطى 23 مليار دولار عام 2023 متجاوزا بالفعل ميـزانية وكالة "ناسا"، دليلا على اتساع نطاق وتعقيد مهامها خلال السنوات المقبلة.






اقرأ ايضا