بخطى ثابتة وتقدم في نسبة الإنجاز الإجمالية بلغت 75 في المائة، تتسارع أشغال واحدةٍ من أكبر محطات تحلية مياه البحر بالمغرب، الجاري إنشاؤها حاليا على بُعد حوالي 130 كيلومترا شمال مدينة الداخلة في قلب الصحراء المغربية. ويُرتقب أن تتم الاستفادة من مرحلة التشغيل والاستغلال التام بحلول نهاية سنة 2025 الجارية، وفقاً لمعطيات رسمية.
وحسب ما استقته هسبريس من معطيات خلال زيارة قادتها إلى المحطة الواقعة بجهة الداخلة وادي الذهب، اليوم الجمعة، فإن نسبة تقدم الأشغال إجماليا وصلت 75 في المائة، فيما بلغت أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر نسبة 60 في المائة، أما بالنسبة للمحيط السقوي الجديد (5000 هكتار من المحاصيل الزراعية ذات القيمة المضافة العالية جداً) فيقارب حوالي 90 في المائة، حسب ما أفاد به أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
وعلى هامش زيارة ميدانية إلى ورش أشغال محطة تحلية مياه البحر بالداخلة والحقل الريحي المجاور، قال البواري، في تصريح لوسائل الإعلام، إن “هذا المشروع (محطة التحلية بالداخلة) جد مهم؛ لأنه سيمكّن من إنتاج 37 مليون متر مكعب، سيتم تخصيص 30 مليون متر مكعب منها للري الفلاحي لفائدة محيط سقوي جديد يمتد على مساحة تقدر بحوالي 5200 هكتار”، منوها إلى أهميته بحكم أنه “سيساهم في توفير الماء الشروب لمدينة الداخلة وتلبية حاجيات ميناء الداخلة الأطلسي”.
وأضاف وزير الفلاحة والتنمية القروية أن “مشروع الري بالنسبة للأراضي الفلاحية سيتيح إنتاج أكثر من 500 ألف طن من الخضروات”، فضلا عن “نتائج مالية متوقعة بقيمة مضافة تفوق 1 مليار درهم سنوياً. كما سيمكن أيضا من خلق 25 ألف منصب شغل قار”، بحسب المعطيات التي قدمها لوسائل الإعلام.
ولفت إلى أن “من أبرز الخصائص المميزة لمشروع تحلية مياه البحر بالداخلة، تشغيله بنسبة 100 في المائة من الطاقة الريحية”، مؤكدا في السياق ذاته أن “أشغال القطب الطاقي المتصل مباشرة بتوربينات ضخمة ومولّدات لطاقة الرياح التي تزخر بها الأقاليم الجنوبية للمملكة قد وصلت إلى نهايتها الفعلية بنسبة إنجاز 100 في المائة”، وهو ما عاينه طاقم جريدة هسبريس الإلكترونية خلال زيارته الميدانية اليوم الجمعة.
وأعلن المسؤول الحكومي نفسه أن “المشروع ككُل يصل حاليًا نسبة إنجاز تقارب 75 في المائة”، متوقعا في نبرة متفائلة أن يبدأ استغلال المحطة وخدماتها في السقي والتزود بالمياه المُحلّاة بحلول أواخر السنة الجارية 2025.
“مشروع طَموح مبتكر”
والتقت هسبريس خلال الزيارة ذاتها بالمدير الجهوي للفلاحة بجهة الداخلة–وادي الذهب، خالد اليعلاوي، الذي بسط بضعة معطيات تفصيلية عن مشروع تحلية المياه والانعكاسات الفلاحية المتوقعة منه، سواء من حيث الإنتاج أو الريّ المستدام الذي يدمج الطاقات المتجددة.
وقال اليعلاوي إن “هذا مشروع طموح وكبير ومبتكِر لتحلية مياه البحر من أجل سقي 5200 هكتار؛ لأنه يعتمد على شراكة قوية بين القطاع العام والقطاع الخاص، إنْ على مستوى التمويل أو على مستوى الإنجاز”.
وشرح أن “مشروع المحطة الجديدة للتحلية شمال الداخلة مبني على الطاقة الريحية من أجل إنتاج الكهرباء التي ستُستعمل في تحلية مياه البحر التي سنستغلها في السقي الفلاحي لأزيد من 5000 هكتار”، مشددا على أن “الأشغال بلغت بالفعل مراحل متقدمة من الإنجاز، بنحو خمسة وسبعين في المئة، ونرتقب أن يكون جاهزاً في غضون الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2025”.
ولفت المسؤول الجهوي للفلاحة بالداخلة إلى “الأثر الكبير للمشروع على المستوى الاجتماعي، وكذا على الصعيد الاقتصادي، وخلق مناصب الشغل”، مفيدا ضمن التصريح ذاته بأن المشروع سيُمكّن من رفع الإنتاج الفلاحي من 105 آلاف طن حالياً إلى ما يناهز 600 ألف طن في أفق سنة 2030.
كما نوّه اليعلاوي إلى أن المنظومة السقوية الفلاحية المستدامة للمشروع “سترفع عدد أيام العمل من 2 مليون ونصف مليون يوم عمل في القطاع الفلاحي بجهة الداخلة في الظرفية الحالية إلى ما يقارب 15 مليون يوم عمل سنويا”، حسب تقديرات رسمية.
يشار إلى أن مشروع محطة تحلية ماء البحر بالداخلة يضمّ “وحدة تحلية بالتناضح العكسي” ذات قدرة إنتاجية 37 مليون متر مكعب سنويا، منها 7 ملايين مخصصة لمياه الشرب لمدينة الداخلة ونواحيها، ومنشآت بحرية (مأخذ لمياه البحر، قناة للجلب، قناة تصريف المياه المركزة، أنبوب إمداد بمياه البحر، حوض لتخزين مياه البحر، محطة لضخ مياه البحر، وحوض المياه المركّزة قبل تصريفها في البحر).
كما يتكون، حسب شروح قدّمها القائمون على إنجازه لهسبريس، من “منشآت للتصفية القبلية، ومنشآت للترشيح والتناضح العكسي، ووحدة إعادة التمعدن، وخزانين للمياه المحلاة للشرب (2500 متر مكعب لكل منهما)، وصهريجَيْن لمياه الري بسعة 87 ألف متر مكعب للواحد، إضافة إلى محطة توزيع كهربائية فرعية لتزويد وحدة تحلية المياه، ثم حقل لإنتاج الطاقة الريحية بطاقة سنوية تبلغ 60 ميغاواط، ومدار سقوي جديد على مساحة 5000 هكتار.
" frameborder="0">