أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، عن تأجيل زيارته المرتقبة إلى أذربيجان، والتي كان من المقرر أن تبدأ في السابع من مايو وتستمر حتى الحادي عشر منه، مرجعًا القرار إلى عدة أسباب تتعلق بالتطورات الأمنية الإقليمية، في إشارة واضحة إلى التصعيد المستمر في قطاع غزة والهجمات الأخيرة في سوريا.
وجاء في البيان الرسمي الصادر عن المكتب أن القرار سببه أيضًا الجدول الأمني والدبلوماسي المكثف الذي يشهده رئيس الوزراء، دون أن يتم تحديد موعد جديد للزيارة، التي كانت ستشمل لقاءات رفيعة مع الرئيس الأذري إلهام علييف ومسؤولين أمنيين.
غزة وسوريا... الجبهات تشتعل
تأتي هذه الخطوة وسط تصعيد ملحوظ في العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن الطيران الحربي الإسرائيلي قصف ليل الجمعة/السبت موقعًا عسكريًا سوريًا وبنية تحتية لصواريخ أرض-جو، بالإضافة إلى مدافع مضادة للطائرات، ضمن عملية يُعتقد أنها استهدفت قدرات الدفاع الجوي السورية بعد اعتراض طائرات إسرائيلية مؤخراً.
في المقابل، تشهد جبهة غزة حالة من التوتر الشديد، في ظل تقارير متواترة عن نية الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته العسكرية في القطاع. وأفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بأن الجيش يعتزم استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، وهو ما يشير إلى تحضير ميداني لمرحلة أكثر حدة في النزاع مع حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية المسلحة.
أذربيجان... بوابة جيوسياسية لإسرائيل في القوقاز
كانت زيارة نتنياهو إلى أذربيجان تحمل أبعادًا استراتيجية متعددة، أبرزها تعزيز التحالف السياسي والعسكري مع باكو، خاصة في ظل العلاقات الوثيقة بين إسرائيل وأذربيجان في مجال الأمن والطاقة. وتُعتبر أذربيجان من أبرز الموردين للنفط إلى إسرائيل، كما تستورد معدات تكنولوجية وأسلحة متقدمة من تل أبيب.
الزيارة كانت تهدف أيضًا إلى مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في منطقة جنوب القوقاز، حيث تتخوف إسرائيل من تنامي العلاقات بين طهران ويريفان، في ظل إعادة تشكيل التحالفات بعد حرب ناغورنو كاراباخ.
لكن التطورات الإقليمية المتسارعة في غزة وسوريا يبدو أنها فرضت واقعًا جديدًا على أجندة نتنياهو، ما جعله يُعيد ترتيب أولوياته الأمنية والدبلوماسية.
التأجيل... قراءة في التوقيت والرسائل
يرى مراقبون أن قرار تأجيل الزيارة لا يُقرأ فقط في سياق انشغال نتنياهو بجبهاته العسكرية، بل يحمل أيضًا رسالة سياسية مفادها أن إسرائيل تفضّل "التحرك التكتيكي في لحظة حاسمة" بدلًا من الانشغال بزيارات رمزية في الخارج، خاصة في ظل الضغوط الداخلية المتزايدة على الحكومة.
وقد يُفهم تأجيل الزيارة أيضًا ضمن مؤشرات على نية إسرائيل توسيع رقعة المواجهات في الأيام المقبلة، سواء في غزة أو على الجبهة الشمالية، وهو ما يجعل السفر خارج البلاد مخاطرة سياسية وأمنية لرئيس الحكومة.
حتى الآن، لم يعلن مكتب نتنياهو عن موعد جديد للزيارة، الأمر الذي قد يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الثنائية في حال طال التأجيل. ومع ذلك، من المستبعد أن يُؤثر القرار على التحالف الاستراتيجي بين الجانبين، خاصة أن أذربيجان تُعد شريكًا إقليميًا بالغ الأهمية لإسرائيل على أكثر من صعيد.