أخبار عاجلة

سلطنة عمان تؤكد هشاشة التموقف الجزائري في قضية الصحراء المغربية

سلطنة عمان تؤكد هشاشة التموقف الجزائري في قضية الصحراء المغربية
سلطنة عمان تؤكد هشاشة التموقف الجزائري في قضية الصحراء المغربية

أنهى سلطان عمان هيثم بن طارق زيارته الرسمية إلى الجزائر التي دامت يومين، والتقى خلالها الرئيس عبد المجيد تبون، حيث استعرض الجانبان آفاق التعاون الثنائي، وتبادلا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، قبل أن يتوجا الزيارة ببيان ختامي مشترك غاب عنه أيّ ذكر لنزاع الصحراء المغربية، ما أثار تساؤلات حول دلالات هذا الغياب في ظل حساسية الملف بالنسبة للجزائر.

ويأتي هذا الغياب ليعكس تحفظ سلطنة عمان عن الانخراط في أي موقف يُفهَم على أنه معاد لوحدة المغرب الترابية، رغم متانة علاقاتها مع الجزائر؛ إذ حرصت مسقط كعادتها على التزام الحياد المتوازن الذي يطبع دبلوماسيتها، وامتنعت عن مجاراة الطرح الجزائري الداعم لجبهة البوليساريو، ما اعتُبر رسالة غير مباشرة بشأن تباين الرؤى بين البلدين تجاه هذا الملف الإقليمي الشائك.

ويجد توجه سلطنة عمان الثابت من قضية الصحراء المغربية، القائم على احترام سيادة المملكة ووحدتها الترابية، صداه في سلسلة من التصريحات والمواقف الرسمية التي عبرت عنها مسقط خلال السنوات الأخيرة، مفادها أن حل النزاع ينبغي أن يكون في إطار مقترحات واقعية تحفظ الاستقرار الإقليمي وتنسجم مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

وكانت السلطنة جددت هذا الموقف خلال الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية–العمانية، المنعقدة في مسقط بتاريخ 13 أبريل المنصرم، برئاسة وزيري خارجية البلدين، ناصر بوريطة وبدر بن حمد البوسعيدي، حيث عبّرت عن دعمها الصريح مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، واعتبرتها جدية وذات مصداقية، تشكل أرضية مناسبة لتسوية هذا النزاع بما يضمن السيادة المغربية ويُراعي متطلبات التنمية والاستقرار بالمنطقة.

رسائل الغياب

يرى مولاي بوبكر حمداني، رئيس مركز التفكير الإستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية، أن البيان الختامي المشترك الذي توّج زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر رغم شموله قضايا التعاون الثنائي والمواقف الإقليمية والدولية حمل دلالات دبلوماسية بالغة الأهمية، خصوصا في ما يتعلق بملف الصحراء المغربية، لافتا إلى أن “خلو الوثيقة الرسمية من أي إشارة صريحة أو ضمنية إلى هذا النزاع لم يكن محض صدفة أو إغفالا عابرا؛ بل كان قرارا مدروسا يعكس فهما عُمانيا دقيقا لحساسية الملف، خاصة أنه ورد في سياق زيارة إلى دولة معروفة بموقفها المناوئ للوحدة الترابية للمملكة”.

وأوضح حمداني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا التحفظ المدروس يعد بمثابة رسالة غير معلنة، تؤكد تمسك سلطنة عمان بنهجها المتوازن والمبدئي، الداعم لسيادة المغرب ووحدته الوطنية”، مشيرا إلى أنه “يعكس حرص مسقط الشديد على تجنب أي تأويل قد يُفهم كإشارة دعم لطرف دون آخر في نزاع معقّد تتقاطع فيه المواقف الإقليمية والدولية، حفاظا على علاقاتها الإستراتيجية المتينة مع الرباط، وتفاديا لأي خلل في توازن سياستها الخارجية القائمة على الحياد الإيجابي”.

وأضاف المتخصص في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية أن “السياسة العُمانية التي تشتهر بدورها الوسيط وسعيها إلى تقريب وجهات النظر تدرك جيدا أن إقحام قضية شائكة مثل نزاع الصحراء في أجندة ثنائية، خصوصا مع طرف له موقف مضاد، قد يُحدث ارتباكا دبلوماسيا غير محسوب أو يُفسَّر بطريقة تسيء إلى علاقات قائمة على الوضوح والثقة”، مشددا على أن “غياب الملف عن البيان المشترك يُعد تجسيدا لحكمة دبلوماسية تهدف إلى حماية صفاء العلاقات الثنائية مع الجزائر، دون المساس بجوهر العلاقة الأخوية والمبدئية مع المغرب”.

وأردف الخبير عينه بأن “هذا الموقف العُماني المتّزن يعزز القناعة بأن العلاقات بين الرباط ومسقط لا تُبنى على ردود الفعل أو التقديرات الظرفية، بل تستند إلى رؤية إستراتيجية عميقة، تُقدّر أهمية احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، وتُؤمن بأن الاستقرار الإقليمي يمر عبر دعم الحلول الواقعية، وفي مقدمتها مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تحظى بمصداقية متزايدة على الصعيد الدولي”.

دبلوماسية الصمت

اعتبر عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكاووتش” ونائب منسق “تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية”، أن زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر “تندرج في سياق استكمال تبادل الزيارات الرسمية بين قيادتي البلدين، بعد لقاء سابق جمعهما بمسقط في أكتوبر 2024، وما تبعه من انعقاد اللجنة المشتركة العمانية الجزائرية”.

وقال الكاين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “البيان الختامي للزيارة بما حمله من تركيز على القضايا الثنائية، مع غياب واضح للمواقف الصريحة بشأن الملفات الإقليمية الحساسة، يعكس تحفظا دبلوماسيا ملحوظا من الجانبين”، مشيرا إلى أن “هذا الغموض يُعزى أساسا إلى تباين مرجعيات البلدين واختلاف مواقفهما من تطورات إقليمية ودولية، من بينها القضية الفلسطينية وما يجري في غزة، وأيضا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “طغيان القضايا الثنائية على جدول أعمال الزيارة يعكس طابع المجاملة السياسية ورد الجميل لزيارة سابقة للرئيس الجزائري إلى سلطنة عمان، مع توجه مشترك لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، دون تقديم تفاصيل كافية بخصوص ‘الصندوق الجزائري العماني للاستثمار’: هل يتعلق الأمر بصندوق سيادي فعلي يخدم المصالح المشتركة، أم بمبادرة ظرفية ذات خلفيات سياسية، أم إن غياب الرؤية والإرادة السياسية هو ما أفرز هذا الغموض؟ لاسيما في سياق إقليمي ودولي مضطرب، يعرف تصاعدا في التهديدات، وتراجعا للدور العربي الموحد، وانحرافا مقلقا في ميزان القيم والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان”.

وأكد الكاين أن “من أبرز عناصر الاستغراب غياب أي تهجم جزائري معهود على وحدة المغرب الترابية ضمن البيان الختامي، مع افتقاد الوثيقة الرسمية أي إشارة إلى النزاع المفتعل حول الصحراء، رغم أن الزيارة جرت فوق أرض دولة معروفة بمواقفها العدائية للمملكة”، لافتا إلى أن “هذا التغييب يحمل دلالات واضحة، تفهم على ضوء موقف دول مجلس التعاون الخليجي – فرادى وجماعة – من دعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وثباتها في الوقوف إلى جانب الرباط، انطلاقا من اقتناع راسخ بعدالة الموقف المغربي، واتساقه مع مبدأ احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.

وشدد رئيس منظمة “أفريكاووتش” على أن “هذا التحفظ الرسمي يترجم إدراكا عمانيا دقيقا لحساسية الملف، وحرصا على عدم الانزلاق في حسابات سياسية قد تفهم كانحياز”، متابعا بأن “موقف المغرب القوي والمتزن في الدفاع عن قضاياه المشروعة، فضلا عن كشفه المستمر نوايا النظام الجزائري، أسهم في تحييد هذا الملف خلال اللقاء، في ظل تزايد الوعي العربي بعدم جدوى تأجيج التوترات الثنائية”.

كما ذكر الناشط الحقوقي عينه بما رافق الفترة الأخيرة من “حملات مغرضة استهدفت دولة الإمارات العربية المتحدة، باستعمال لغة تخطت حدود اللباقة والأعراف الدبلوماسية في الاحتجاج والتعبير؛ وهو انزلاق دلالي يعكس حجم التوتر الذي يطبع بعض الخطابات الرسمية الجزائرية، التي أصبحت تميل إلى التصعيد المجاني بدل تغليب منطق الحوار والاحترام المتبادل بين الدول”، مضيفا أن “غياب أي توضيح أو اعتذار ضمن مخرجات هذه الزيارة يضع علامات استفهام كبرى حول مدى انسجام الشعارات المعلنة مع السلوك الدبلوماسي الفعلي”.

وسجل الكاين أيضا “غياب أي موقف واضح أو متقدم تجاه ما يجري في غزة من مجازر وإبادة جماعية وتجويع مستمر”، مؤكدا أن “البيان اكتفى بصيغة الشجب والتنديد، رغم أن الواقع يفرض اتخاذ خطوات ملموسة، تشمل بناء مواقف جماعية ضاغطة وتعزيز المساءلة الدولية والدفع نحو محاكمة مجرمي الحرب، بدل اجترار خطابات لا تنتج حقوقا ولا تلزم أحدا”.

كما استغرب المتحدث “مساهمة الجزائر – بصمتها – في تمرير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني عبر موانئها، وتقييد حرية التعبير عن التضامن الشعبي الجزائري مع القضية الفلسطينية، وهو ما يؤكد ازدواجية الخطاب الرسمي بين ما يقال وما يمارس فعليا”.

وأكمل عبد الوهاب الكاين حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن “أي زيارة أو بيان لا يضمن الانتصار للكرامة الإنسانية للشعب الفلسطيني، ولا يعبّر عن احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، ولا يضع حدا لمعاناة الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف، ولا يلزم الجزائر بالتفاوض المباشر مع المغرب، سيظل في خانة البروتوكولات الرمزية الفارغة، التي سرعان ما تنهار عند أول اختبار حقيقي للمنطقة”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ننشر جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي بمحافظة الفيوم للفصل الثاني 2025
التالى الاتحاد الآسيوي يختار عبد الرحمن الجاسم لإدارة نهائي دوري أبطال آسيا بين الأهلي وكاواساكي فرونتال