محاضرة البابا تواضروس من القصر الرئاسي بصربيا.. استضاف القصر الرئاسي في العاصمة الصربية بلجراد مساء أمس قداسة البابا تواضروس الثاني، خلال لقاء نظمته إدارة التعاون مع الكنائس والمجتمعات الدينية في صربيا، وذلك بالتزامن مع زيارة قداسته للبلاد.

ألقى البابا تواضروس محاضرة تحت عنوان “جسور المحبة”.
وفي مستهل محاضرته، تحدث قداسة البابا تواضروس الثاني عن تأمله خلال الأيام الماضية في جسر يربط جانبي نهر ساڤا، مشيرًا إلى أنه يمثل أكثر من مجرد وسيلة عبور. وأوضح أن الجسور توجد لربط الناس وجمع القلوب، لتتيح لهم التعرف على بعضهم البعض ونشر المحبة بينهم.
وأشار البابا إلى أن أول جسر عرفته البشرية هو الجسر الروحي الذي يصل بين السماء والأرض، مستندًا إلى القول بأن الله أحب العالم إلى درجة أنه بذل ابنه الوحيد ليمنح المؤمنين به حياة أبدية. وأكد أن المحبة الإلهية هي الأساس الذي تقوم عليه الكنيسة لتغرس قيم المحبة الحقيقية وتوطدها بين الناس.

البابا تواضروس عن الجسور التي بنتها مصر عبر التاريخ
خلال المحاضرة، قدم البابا تواضروس أمثلة على الجسور التي بنتها مصر عبر التاريخ، بدءًا من استقبالها للعائلة المقدسة، وتأسيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على يد القديس مار مرقس في القرن الأول الميلادي، وصولًا إلى نشأة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية وظهور الرهبنة المسيحية على يد القديس أنطونيوس الكبير. كما أشار إلى أن دير القديس أنطونيوس لا يزال حتى اليوم مقصدًا روحيًا يستقطب الآلاف من الزوار.
وتطرق إلى أمثلة لأشخاص تركوا بصمة في العالم بمحبتهم، مثل الأم تريزا والبروفيسور مجدي يعقوب، مؤكدًا أن هذه الشخصيات لم تبنِ جسور المحبة بالكلمات فقط، بل بالأفعال، وتمكنت كل واحدة منها من تغيير وجه الإنسانية بطرق مختلفة.

وفي ختام حديث البابا تواضروس، وجه دعوة مفتوحة للجميع قائلاً: دعونا نبني جسورًا بدلاً من الأسوار. لنتعلم أن نحب بدلاً من أن نحكم. لنصغِ أكثر بدلًا من الكلام فقط. فكما جاء في رسالة القديس يوحنا: “يا أولادي، لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق” (١ يو ٣: ١٨). لنحول هذه المحبة إلى نور يبدد ظلمات العالم، وجسر يقودنا جميعًا نحو مستقبل أفضل.
شهد اللقاء حضور رئيس الوزراء الصربي السيد جورو ماتشوفيتش، وغبطة البطريرك بورفيريوس بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الصربية، إلى جانب الدكتور فلاديمير روجانوفيتش، المدير العام لإدارة التعاون مع الكنائس والمجتمعات الدينية في صربيا. كما حضر اللقاء وزراء العدل، والتجارة، والتكامل الأوروبي.

ومن الجانب الدبلوماسي، شارك السفير باسل صلاح، سفير مصر لدى صربيا، والقاصد الرسولي سانتو روكو جانجيمي، سفير الفاتيكان في بلجراد، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين الصرب وسفراء الدول العربية والأجنبية. كما كان الحدث فرصة لتواجد العديد من رجال الدين والمثقفين والأكاديميين والشخصيات العامة.
أعرب الدكتور فلاديمير روجانوفيتش في كلمته عن سعادته البالغة باستضافة قداسة البابا تواضروس الثاني، واصفًا هذه الزيارة بأنها لحظة تاريخية تسهم في تعزيز العلاقات الروحية والثقافية بين صربيا ومصر، وكذلك بين الكنيسة الصربية و الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التي تُعد من أقدم كنائس الشرق.