كنز الغاز المصري حقل ظهر.. رحلة ذروة الإنتاج حتى الانخفاض 50% (تقرير)

منذ اكتشاف حقل ظهر المصري قبل عقد من الزمن، وهو لاعب رئيس وحلقة مهمة تؤثر في إنتاج مصر من الغاز وسياسات التصدير والاستيراد.

فقد كان أكبر حقل غاز في مصر نقطة تحول بارزة في دعم البلاد لتصدير الغاز المسال ثم التوقف والعودة للاستيراد مرة أخرى، بانتظار نتائج خطة إنعاش جديدة للحقل.

وتسبّب انخفاض إنتاج حقل ظهر -مؤخرًا- مع التراجع الطبيعي لإنتاجية بعض الآبار المكتشفة، في تدهور إنتاج مصر من الغاز ليكون عند أدنى مستوى له منذ 9 سنوات (4.2 مليار قدم مكعبة يوميًا)، وفق أحدث بيانات وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

دفع ذلك البلاد إلى وقف عمليات التصدير لتلبية الطلب المحلي منذ منتصف عام 2024 مع اللجوء للاستيراد، لتسجل مستويات قياسية سواء من شحنات الغاز المسال أو الغاز الطبيعي المستورد من الأنابيب.

رحلة حقل ظهر المصري للغاز

بدأت رحلة حقل ظهر المصري للغاز منذ اكتشافه في أغسطس/آب 2015، مع الإسراع في وضعه على خريطة الإنتاج التي استغرقت عامين فقط، ومن أبرز محطاته:

• يناير/كانون الثاني (2014): اتفاقية تنقيب بين مصر وإيني الإيطالية.
• أغسطس/آب (2015): اكتشاف حقل ظهر.
• ديسمبر/كانون الأول (2017): بدء الإنتاج من الحقل.
• أغسطس/آب (2019): تسجيل أعلى معدل إنتاج للحقل.

بدأت الرحلة في أغسطس/آب 2015 عندما أعلنت شركة إيني الإيطالية عثورها على أكبر حقل غاز في شرق البحر المتوسط على مساحة 100 كيلومتر مربع وهو حقل ظهر العملاق، ضمن منطقة "شروق" الواقعة على بُعد 200 كيلومتر من سواحل بورسعيد.

اكتشاف الحقل جاء بعد ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص؛ وهو ما فتح الباب أمام الشركة القابضة المصرية للغازات الطبيعية "إيجاس" لطرح مزايدة عالمية للبحث في منطقة امتياز شروق البحرية وفازت بها شركة إيني.

وبعدها وقّعت مصر وإيني الإيطالية في يناير/كانون الثاني 2014 اتفاقية التنقيب بمنطقة شروق بالبحر المتوسط، لتبدأ عمليات الحفر في عام 2015.

وبعد مرور نحو عامين ونصف العام من اكتشاف حقل ظهر وتحديدًا في ديسمبر/كانون الأول عام 2017 نجحت مصر وشركة إيني في بدء الإنتاج، وهو ما وصفته الحكومة خلال ذلك الوقت بأنه رقم قياسي عالمي.

وتصل نسبة مصر في "ظهر" لـ50% من خلال الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، في حين تتوزّع الحصة المتبقية بين شركة إيني الإيطالية 25%، وشركة روسنفط الروسية بحصة 15%، وشركة مبادلة الإماراتية 5%، وشركة النفط البريطانية بي بي 5%.

إنتاج حقل ظهر

تظهر البيانات المتاحة لدى وحدة أبحاث الطاقة، أن إنتاج حقل ظهر قد استهل بنحو 350 مليون قدم مكعبة يوميًا في ديسمبر/كانون الأول 2017، ثم ارتفع تدريجيًا حتى حقق أعلى معدل له منذ اكتشافه في أغسطس/آب 2019، قبل أن يتراجع تدريجيًا في العامين الماضيين.

وتحديدًا، بدأ الهبوط الأكبر للحقل لأقل من ملياري قدم مكعبة يوميًا منذ العام الماضي، وفيما يلي أبرز محطاته الإنتاجية:

• ديسمبر/كانون الأول (2017): 350 مليون قدم مكعبة يوميًا بداية الإنتاج.
• سبتمبر/أيلول (2018): 2 مليار قدم مكعبة يوميًا.
• أغسطس/آب (2019): 2.7 مليار قدم مكعبة أعلى معدل للحقل.
• ديسمبر/كانون الأول (2024): 1.56 مليار قدم مكعبة يوميًا.
• أبريل/نيسان (2025): 1.33 مليار قدم مكعبة يوميًا.

ويرصد الرسم البياني التالي -بناءً على أرقام حصلت عليها منصة الطاقة من مصادر خاصة- إنتاج الحقل بداية من ديسمبر/كانون الأول 2024 حتى أبريل/نيسان الجاري، وتوقعاته بنهاية 2025:

وتُنفّذ مصر خطة بالتعاون مع شركة إيني، بهدف تطوير حقل ظهر لزيادة إنتاجه مرة أخرى ضمن آمال العودة مرة أخرى إلى تحقيق فائض والتصدير للخارج.

وفي نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، وصلت سفينة الحفر "سايبم 10000"، إلى الحقل وسط آمال بأن تُسهم أعمال الحفر الجديدة في إضافة نحو 220 مليون قدم مكعبة يوميًا للإنتاج، ضمن مخطط الحكومة بضخ 535 مليون دولار استثمارات في العام المالي الحالي لتنمية "ظهر".

ومع ذلك، كشفت مصادر تحدثت إلى منصة الطاقة المتخصصة عن أن خطة تطوير حقل ظهر الجارية حاليًا لم تسفر عن أي نتائج إيجابية، مشيرةً إلى أن إيني قررت مد مهلة الحفر التي تنفّذها سفينة "سايبم 10000" شهرًا إضافيًا، بناء على رغبة وزارة البترول والثروة المعدنية.

وفي حال نجاح عمليات الحفر الحالية، توقّعت المصادر أن يستقر متوسط إنتاج أكبر حقل غاز في مصر عند 1.30 مليار قدم مكعبة يوميًا بنهاية العام الجاري (2025)، في حين سيبلغ إنتاجه مليار قدم مكعبة يوميًا فقط في حال عدم وصول عمليات الحفر لأي نتائج جديدة.

وبحسب المصادر، وصلت احتياطيات حقل ظهر من الغاز الطبيعي إلى 4.8 تريليون قدم مكعبة بنهاية العام الماضي، في حين تبلغ نسبة عمليات الاستخراج والإنتاج 75% فقط بحد أقصى.

كيف أثر حقل ظهر في مصر؟

شهد إنتاج مصر من الغاز وصادراته تحولًا دراماتيكيًا في السنوات الأخيرة من تسجيل أرقام قياسية إلى تراجع لافت والعودة مرة أخرى للاستيراد من السوق العالمية.

ومع وضع حقل ظهر على خريطة الإنتاج، ارتفع إنتاج الغاز المصري تدريجيًا، وحقق أعلى معدل تاريخي في عام 2021 عند 6.56 مليار قدم مكعبة يوميًا، قبل أن يتراجع إلى 5.52 مليار قدم مكعبة يوميًا في عام 2023 ثم إلى 4.7 مليارًا العام الماضي.

وفي ظل التطور الملحوظ استطاعت البلاد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بدءًا من سبتمبر/أيلول 2018 واستئناف التصدير، لتتحول من أكبر الدول المستوردة للغاز المسال، خلال المدة من 2015 حتى 2017، إلى لاعب رئيس في قطاع الغاز المسال عالميًا.

واستفادت البلاد من قفزة أسعار الغاز عالميًا إثر الحرب الروسية الأوكرانية؛ إذ ارتفعت إيرادات مصر من تصدير الغاز إلى 8.4 مليار دولار في عام 2022، لتحقق نموًا سنويًا بلغ 140%.

ولم يستمر ذلك الانتعاش طويلًا؛ فقد تعرّضت مصر لانخفاض ملحوظ في إنتاج الغاز ظهر بشكل لافت خلال عام 2024 متأثرة بانخفاض إنتاجية العديد من المكامن يتصدرها حقل ظهر العملاق، لتعود للاستيراد مرة أخرى وتخرج من قائمة الدول المصدرة له.

وفي فبراير/شباط 2025، انخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى أقل مستوى له منذ أبريل/نيسان 2016، عند 3.35 مليار متر مكعب (4.22 مليار قدم مكعبة يوميًا).

ويرصد الرسم البياني التالي، أعدته وحدة أبحاث الطاقة، معدل إنتاج أكبر حقل غاز في مصر شهريًا خلال (2022-2025):

موضوعات متعلقة..

اقرا أيضًا..

المصادر:

1. المراحل التاريخية لحقل ظهر من شركة إيني الإيطالية
2. إنتاج الحقل الأولي وصادرات الغاز من وزارة البترول المصرية
3. توقعات إنتاج حقل ظهر من منصة الطاقة
4. إنتاج مصر من الغاز في فبراير 2025 واستهلاكه من مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي)