تتجه مصر لتصبح واحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية للشركات الصينية، خاصة بعد التحديات التي فرضتها الرسوم الجمركية العالية التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات الصينية.
وهذه الرسوم، التي بلغت 145% هذا العام، ووصل معدلها الفعلي إلى حوالي 156%، دفعت العديد من الشركات الصينية، مثل مجموعة بيفا لتصنيع الأقلام والقرطاسية في مقاطعة تشجيانغ، إلى البحث عن حلول مبتكرة للحفاظ على حصتها في السوق الأمريكية، التي تمثل 40% من مبيعاتها السنوية بقيمة 60 مليون دولار.
وفي هذا السياق، برزت مصر كوجهة مثالية لإنشاء قواعد تصنيع جديدة، ليس فقط لتجنب الرسوم الجمركية، بل أيضًا لتعزيز التواجد الصناعي الصيني في الأسواق الإقليمية والعالمية.
الرسوم الجمركية وتأثيرها على الصين
وبدأت الشركات الصينية تواجه ضغوطًا غير مسبوقة منذ أبريل الماضي، عندما أعلن ترامب عن زيادات جمركية كبيرة في إطار سياسته لتقليص العجز التجاري الأمريكي وتعزيز التصنيع المحلي، وهذه السياسات أثرت بشكل مباشر على شركات مثل بيفا، التي اضطرت إلى إلغاء صفقات وتقليص شحناتها إلى الولايات المتحدة.
وفي ظل رد الصين الانتقامي بفرض رسوم بنسبة 125% على السلع الأمريكية، أصبحت الشركات الصينية في موقف صعب، حيث تواجه تحديات في إيجاد أسواق بديلة بسرعة كافية لتعويض الخسائر، ومع ذلك منح قرار ترامب بتعليق الرسوم الإضافية لمدة 90 يومًا على معظم الشركاء التجاريين، باستثناء الصين، بعض الوقت للشركات مثل بيفا لإعادة ترتيب أولوياتها.
لماذا مصر؟
واختيار مصر كوجهة استثمارية لم يأت من فراغ، فمصر تتمتع بمزايا تنافسية متعددة تجعلها ملاذًا آمنًا للشركات الصينية، أولها موقعها الجغرافي الاستراتيجي يجعلها بوابة للأسواق الأوروبية والإفريقية، مما يتيح للشركات مثل بيفا استكشاف فرص تصدير جديدة.
وثانيًا مصر تواجه رسومًا جمركية أمريكية منخفضة نسبيًا، لا تتجاوز 10%، وذلك بفضل عجزها التجاري مع الولايات المتحدة، مما يجعلها أقل عرضة لزيادات جمركية إضافية، حيث أشار تشيو بو جينغ، نائب رئيس بيفا، إلى أن إنشاء مصنع في مصر لن يخدم فقط السوق الأمريكية عبر طرق تجارية بديلة، بل سيفتح أيضًا آفاقًا لتوسيع الصادرات إلى أوروبا وإفريقيا، مما يعزز الاستدامة الاقتصادية للشركة.

تحديات وحلول مبتكرة
وتواجه بيفا تحديات كبيرة، بما في ذلك تقلبات الرسوم الجمركية وصعوبة التنبؤ بالسياسات الأمريكية، ومع ذلك تظهر الشركة مرونة ملحوظة في استراتيجياتها، فعلى المدى القصير، تستفيد بيفا من قواعدها في فيتنام، التي حصلت على مهلة جمركية بفضل رسوم أقل تبلغ 46%.
ولكن على المدى الطويل، ترى الشركة أن مصر تمثل الحل الأكثر جدوى لضمان استمرارية صادراتها إلى الولايات المتحدة.
و يعكس قرار بيفا استكشاف مصر كقاعدة تصنيع نهجًا استراتيجيًا يتجاوز مجرد تجنب الرسوم، حيث تسعى الشركة إلى تنويع أسواقها وتقليل اعتمادها على السوق الأمريكية.
مصر مركز صناعي واعد
وتحول مصر إلى مركز صناعي واعد يعكس قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، وبالإضافة إلى انخفاض الرسوم الجمركية، توفر مصر تكاليف إنتاج منخفضة، وبنية تحتية متطورة نسبيًا، واتفاقيات تجارة تفضيلية مع العديد من الأسواق الكبرى.
وهذه العوامل تجعلها وجهة جذابة للشركات الصينية التي تسعى لإعادة هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها.
وعلاوة على ذلك، يعزز الاستقرار السياسي في مصر وتحسين بيئة الأعمال ثقة المستثمرين الأجانب.
مستقبل التعاون المصري-الصيني
وتشير خطط بيفا لإنشاء مصنع في مصر إلى بداية مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين مصر والصين، وهذا المصنع لن يكون مجرد وسيلة لتصدير المنتجات إلى الولايات المتحدة، بل سيعمل كمركز إقليمي للتصنيع، مما يعزز مكانة مصر كلاعب رئيسي في التجارة العالمية.
كما أن هذا التوجه قد يشجع المزيد من الشركات الصينية على الاستثمار في مصر، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي.
وفي ظل التحديات التي فرضتها الرسوم الجمركية الأمريكية، تبرز مصر كوجهة استثمارية استراتيجية للشركات الصينية الساعية للحفاظ على تنافسيتها في الأسواق العالمية، وبفضل موقعها الجغرافي المتميز، وانخفاض الرسوم الجمركية، وإمكاناتها الاقتصادية الواعدة، تستعد مصر لتصبح مركزًا صناعيًا رئيسيًا يربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.
كما أن التعاون المتنامي بين مصر والصين، كما يتجسد في خطط شركات مثل بيفا، يعد خطوة نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية وتحقيق التنمية المستدامة، مما يجعل مصر نموذجًا للدول التي تستفيد من التحولات الاقتصادية العالمية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.